في خطوة جديدة تعكس حرص المجلس القومي للمرأة على دعم الشباب المقبلين على الزواج، نُظم على مدار يومي 25 و26 أغسطس تدريب نوعي بالتعاون بين فرع المجلس ببني سويف ووحدة السكان بمركز ومدينة بني سويف، تحت رعاية الأستاذة نارمين محمود مقررة المجلس بالمحافظة، ضمن مبادرة "سكن" التي تستهدف تأهيل الشباب وإعدادهم لبناء حياة أسرية مستقرة.
التدريب جاء بمشاركة 29 شابًا وفتاة من أعضاء مبادرة "الألف قائد سكاني"، حيث مثّلوا نموذجًا لوعي جديد يتشكل في المجتمع، يعتمد على المعرفة والحوار والتعلم من الخبرات المتنوعة، بعيدًا عن الاعتماد على العادات فقط.
ما ميّز التدريب هذه المرة هو التنوع الواضح في الخبرات المشاركة، إذ جمع بين الدين والعلم والنفس والصحة والإعلام والقانون، لتقديم رؤية متكاملة للشباب حول كيفية إدارة حياتهم الزوجية. فقد شارك الدكتور عاصم القبيصي، وكيل وزارة الأوقاف، برسالة ركزت على أهمية القيم الدينية والرحمة والمودة كأساس للعلاقة الزوجية، مؤكدًا أن الزواج ليس مجرد عقد، بل ميثاق غليظ يحتاج إلى مسؤولية وصبر.
ومن الناحية النفسية والاجتماعية، أضاء الدكتور أيمن علي، أستاذ الإرشاد النفسي وتعديل السلوك بكلية الآداب جامعة بني سويف، مجموعة من الأدوات العملية للتواصل الفعال بين الزوجين، بينما تناول الدكتور أحمد خليفة، أستاذ علم النفس بنفس الكلية، قضية إدارة الخلافات الزوجية وكيفية التعامل مع ضغوط الحياة الأسرية.
أما على المستوى الصحي، فقدمت الدكتورة هبة عبد العظيم، مدير عام اللجنة الطبية، مجموعة من النصائح المتعلقة بالصحة الإنجابية وأهمية الكشف المبكر والاهتمام بالتغذية كأساس لحياة أسرية متوازنة.
ولم يقتصر التدريب على الجوانب النظرية فقط، بل حملت كلمات كل من الأستاذة ليلى أبو عقل، والدكتورة زهراء محمود، والدكتورة غادة طوسون، والإعلامية عزة حسين – عضوات فرع المجلس القومي للمرأة – رسائل مباشرة للشباب حول الأدوار المتوازنة بين الرجل والمرأة، وأهمية احترام الحقوق المتبادلة، وكيفية مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية دون أن تتحول إلى أزمات أسرية.
كما شاركت الأستاذة رانيا، مدير لجنة السكان بمركز ومدينة بني سويف، لتؤكد في كلمتها أن هذه البرامج التدريبية ليست مجرد فعاليات عابرة، وإنما جزء من استراتيجية متكاملة تستهدف تمكين الشباب من اتخاذ قرارات واعية تخص مستقبلهم الأسري.
بحسب ما رصده الحضور، فقد اتسم التدريب بأجواء تفاعلية، حيث لم يقتصر على محاضرات تقليدية، بل اعتمد على الحوار المفتوح وطرح الأسئلة والنقاشات بين الشباب والمحاضرين، وهو ما جعل المشاركين يعبرون عن ارتياحهم وإحساسهم بقيمة ما تلقوه من معلومات، خاصة وأنه جاء متصلًا بشكل مباشر بتحديات واقعية يعيشونها أو يستعدون لمواجهتها.
إحدى المشاركات وصفت التجربة بأنها "أكثر من مجرد تدريب"، مؤكدة أنها تعلمت كيف تعبر عن مشاعرها وتدير خلافاتها بطريقة صحية بعيدًا عن الانفعال. بينما أشار أحد الشباب إلى أن حديث الخبراء عن الجوانب الاقتصادية والقانونية المرتبطة بالزواج كان بمثابة تنبيه مهم لكل مقبل على هذه الخطوة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة
يأتي هذا التدريب في إطار الاستراتيجية الوطنية التي يتبناها المجلس القومي للمرأة لتعزيز ثقافة المسؤولية الأسرية، وتمكين الشباب من امتلاك المهارات الحياتية اللازمة لبناء مجتمع أكثر استقرارًا وتماسكًا، وهو ما ينعكس بدوره على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويؤكد القائمون على هذه المبادرات أن الاستثمار الحقيقي في الشباب لا يقتصر على التعليم والعمل فقط، بل يمتد ليشمل إعدادهم لتحمل مسؤوليات الأسرة، لأن الأسرة الواعية هي أساس بناء وطن قوي ومجتمع قادر على مواجهة التحديات.

