شهدت محافظة قنا حدثًا تنمويًا بارزًا مع وضع حجر الأساس لأول مصنع لتربية ديدان القز وإنتاج الحرير الطبيعي، في خطوة وُصفت بأنها بداية جديدة لإحياء واحدة من أقدم الحرف التراثية في مصر وربطها بآفاق التنمية الاقتصادية الحديثة.
وقامت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بتدشين المشروع الجديد في إطار زيارتها للمحافظة، حيث شاركها الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، والدكتورة هبة حندوسة المدير التنفيذي لمؤسسة النداء للتنمية المتكاملة، إلى جانب حضور ممثلين عن الأمم المتحدة والوكالة الإسبانية للتنمية.
ويقع المبنى على مساحة 500 متر مربع مكونًا من طابقين، يضم الأول وحدة متخصصة لتربية ديدان القز وإنتاج خيوط الحرير الطبيعي، بينما خُصص الطابق الثاني لتصنيع المنسوجات اليدوية مثل السجاد والفركة. ويأتي المشروع ضمن أنشطة مؤسسة النداء، وبإشراف من وزارة التخطيط والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وبتمويل من الحكومة الإسبانية.
وأكدت الوزيرة رانيا المشاط أن المصنع يمثل نقلة نوعية لمحافظة قنا وصعيد مصر عمومًا، موضحة أن صناعة الحرير قادرة على توفير فرص عمل واسعة، خاصة للنساء والشباب، مما يعزز التمكين الاقتصادي والاجتماعي ويرتقي بمستوى معيشة الأسر الريفية. وأشارت إلى أن المشروع يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، ولاسيما في ما يتعلق بالقضاء على الفقر وتوفير فرص عمل لائقة وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وأضافت المشاط أن صناعة الحرير من الصناعات الكثيفة العمالة، والتي تشكل مصدر دخل أساسي لعدد كبير من الأسر، كما أنها ترتبط بشكل مباشر بالحفاظ على التراث الثقافي والهوية المصرية عبر منتجات السجاد والمنسوجات الطبيعية. وأوضحت أن الدولة حريصة على دعم مثل هذه المبادرات التي تجمع بين البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتفتح مجالات جديدة للاستثمار في جنوب مصر.
وخلال جولتها، تفقدت الوزيرة مشروع تطوير تربية دودة القز بمزرعة مؤسسة النداء، والتي تضم أيضًا مزرعة متخصصة لزراعة أشجار التوت كمصدر غذائي أساسي للدودة. وأشادت الوزيرة بجهود المؤسسة منذ انطلاقها عام 2012 في توفير فرص عمل ومشروعات صغيرة في محافظات قنا والأقصر وسوهاج والمنيا والفيوم.
من جانبها، أعربت تشيتوسي نوجوتشي، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، عن سعادتها بانطلاق المصنع، معتبرة أنه خطوة عملية لإحياء صناعة تاريخية تعتمد عليها النساء بشكل كبير، مشيرة إلى أن المشروع يجسد نموذجًا للتعاون بين الحكومة المصرية والجهات الدولية في تنفيذ مشروعات تحقق أثرًا مباشرًا في حياة المواطنين.
كما أشادت الوزيرة بالدور الذي تقوم به الدكتورة هبة حندوسة وفريق مؤسسة النداء، مؤكدة أن المؤسسة استطاعت أن تحول كثيرًا من الأفكار إلى مشروعات ملموسة ساعدت في تحسين مستوى المعيشة وخلقت فرصًا جديدة للشباب والنساء، وهو ما جعلها شريكًا أساسيًا للحكومة في مشروعات التنمية المتكاملة.
ويعد هذا المشروع جزءًا من استراتيجية أشمل تتبناها الدولة بالتعاون مع شركائها الدوليين لتوطين الصناعات التراثية والحرفية، إلى جانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في صعيد مصر، بما يسهم في خلق فرص اقتصادية جديدة وتحقيق تنمية أكثر شمولًا.
واعتبر الحضور أن إقامة مصنع الحرير في قنا يمثل نموذجًا للشراكات الفعالة بين الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية، ويعكس التزام مصر بدعم الصناعات التراثية التي تجمع بين الحفاظ على الهوية الوطنية وتحقيق التنمية الاقتصادية.

