شهد مقر وزارة الموارد المائية والري بالعاصمة الإدارية الجديدة اجتماعًا موسعًا جمع بين الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والمهندس عبد المطلب عمارة محافظ الأقصر، والدكتور أحمد السبكي رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، لمناقشة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات والمقترحات المرتبطة بالمناطق المطلة على نهر النيل، خاصة في محافظة الأقصر ومدنها الرئيسية.
الاجتماع جاء في إطار حرص الحكومة على تعزيز التنسيق بين الوزارات والمحافظات لضمان الحفاظ على النهر كمورد مائي استراتيجي، وفي الوقت نفسه تحقيق الاستفادة القصوى من أراضي طرح النهر والمناطق المجاورة له في تقديم خدمات عامة وتنفيذ مشروعات تنموية تخدم المواطنين.
وخلال الاجتماع، استعرضت وزارة الموارد المائية والري نماذج لمماشي نيلية مقترحة يمكن تنفيذها بشكل يتماشى مع الاشتراطات الفنية والقانونية المنظمة للعمل على جانبي النهر. وتم التأكيد على ضرورة أن تراعي أي أعمال مقترحة الضوابط التي حددها قانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021 ولائحته التنفيذية، بما يضمن حماية القطاع المائي وعدم التأثير سلبًا على المجرى.
من جانبه، شدد الدكتور هاني سويلم على أن أي تعديات على مجرى النيل أو شواطئه تشكل تهديدًا مباشرًا لقدرة النهر على تمرير التصرفات المائية اللازمة لتلبية الاحتياجات المختلفة، سواء للشرب أو الزراعة أو الاستخدامات الصناعية. وأكد أن الوزارة تتعامل مع هذه التعديات بكل حسم منذ بدايتها، وتعمل على إزالتها فورًا حفاظًا على النهر من أي أضرار محتملة.
وأضاف سويلم أن الوزارة تتابع بدقة التزام الأفراد والمستثمرين بالاشتراطات والقرارات الصادرة عنها، مشيرًا إلى أن أي أعمال منفذة خارج الإطار القانوني لن يتم السماح باستمرارها. كما وجه بضرورة تعزيز التنسيق بين أجهزة الوزارة ومحافظة الأقصر لدراسة المقترحات التنموية المقدمة بما يضمن الموازنة بين حماية النهر وتلبية احتياجات المواطنين.
من جانبها، أكدت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، أن وزارتها تولي اهتمامًا كبيرًا بالعمل المشترك مع وزارة الموارد المائية والمحافظات لمواجهة أي مخالفات أو تعديات على المجاري المائية، مشيرة إلى أن نهر النيل يمثل شريان الحياة للمصريين وموردًا رئيسيًا لا يمكن التفريط فيه.
وشددت عوض على أن الدولة تدفع بخطط متكاملة لتطوير الواجهات النيلية في مختلف المحافظات، باعتبارها متنفسًا حضاريًا وسياحيًا يقدم خدمات للمواطنين، فضلاً عن دورها في جذب الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة. وأكدت أن الأقصر، بما تملكه من مقومات تاريخية وسياحية عالمية، تستحق مشروعات تطوير نوعية تعكس مكانتها وتخدم أبناءها.
كما أوضحت أن أي استغلال لأراضي طرح النهر أو المشروعات المقامة على جانبيه يجب أن يتم في إطار قانوني وتنظيمي واضح، يضمن تحقيق الفائدة العامة دون المساس بحقوق الدولة أو تعريض المجرى المائي لمخاطر. وأشارت إلى أن الوزارة حريصة على دعم أي مشروعات تساهم في تحسين مستوى المعيشة بالمحافظات، مع الالتزام الصارم بالاشتراطات البيئية والفنية.
من جهته، استعرض محافظ الأقصر عددًا من المقترحات التي تهدف إلى استغلال بعض الأراضي المطلة على النيل لخدمة أهالي المحافظة، سواء عبر إنشاء مشروعات خدمية أو ممشى حضاري يعكس الوجه السياحي للمدينة. وأكد أن هذه المقترحات تأتي ضمن خطة شاملة لتطوير المحافظة بما يتناسب مع قيمتها التاريخية ومكانتها السياحية العالمية.
وفي ختام الاجتماع، تم الاتفاق بين الوزراء والمحافظ على استمرار عقد لقاءات متابعة وتنسيق دوري لمراجعة الموقف التنفيذي لأي مشروعات مقترحة على جانبي نهر النيل، والتأكد من الالتزام الكامل بالضوابط التي تضعها وزارة الموارد المائية والري، بما يضمن حماية المجرى المائي والحفاظ على الحقوق التاريخية للمصريين في هذا المورد الحيوي.
وأكد الحاضرون أن أي جهود لتطوير الواجهات النيلية أو استغلال أراضي طرح النهر لا بد أن تسير في خط موازٍ مع حماية النهر من التلوث أو التعديات، بحيث يتحقق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة. واعتبروا أن هذا النهج يعكس رؤية الدولة في تحقيق تنمية مستدامة قائمة على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية.
وبذلك، يظل نهر النيل محورًا رئيسيًا في خطط الدولة التنموية، ليس فقط بوصفه مصدرًا للحياة، وإنما باعتباره أحد أهم مقومات السياحة والتراث والحضارة المصرية، ما يتطلب مواصلة العمل الجاد والتنسيق المستمر بين مختلف أجهزة الدولة للحفاظ عليه وضمان استدامة عطائه للأجيال القادمة.

