شهدت محافظة قنا اليوم حدثًا تنمويًا بارزًا، تمثل في توقيع اتفاقية تعاون بين برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بهدف دعم السياحة المستدامة والتنمية الاقتصادية في المحافظة، وذلك بحضور الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، والسيدة إيلينا بانوفا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر.
الاتفاقية الجديدة تأتي في إطار مشروع "إحياء منطقة دندرة"، الذي يهدف إلى خلق نموذج شامل يربط بين حماية التراث الثقافي وتعزيز الفرص الاقتصادية للمجتمعات المحلية، مع التركيز على معبد دندرة الشهير عالميًا والمنطقة المحيطة به. المشروع يستهدف تطوير السياحة الريفية والثقافية، بما يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي ورفع مستوى معيشة المواطنين.
وقع الاتفاقية من جانب برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، السيد أحمد رزق مدير البرنامج في مصر، ومن جانب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، السيدة تشيتوسي نوجوتشي الممثلة المقيمة للبرنامج. ومن المقرر أن يتم تنفيذ المشروع على مرحلتين: الأولى تشمل إعداد خطة شاملة لإحياء المنطقة وتطوير الهوية السياحية الخاصة بها، والثانية تتضمن البدء في التنفيذ الفعلي، بما في ذلك ترميم المواقع الثقافية وتحسين الخدمات السياحية وتطوير منتجات وتجارب جديدة للزوار.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط خلال كلمتها أن قنا تملك مقومات قوية لتصبح وجهة متميزة في السياحة الريفية والثقافية، مشيرة إلى أن الدولة استثمرت خلال السنوات الماضية في تحسين البنية التحتية والخدمات، خاصة من خلال المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وهو ما خلق بيئة مواتية لمشروعات التنمية السياحية. وأوضحت الوزيرة أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بتعزيز تنافسية المحافظات ودعم قدراتها المحلية لجذب استثمارات القطاع الخاص، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
أما السيدة إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، فأشارت إلى أن الاتفاقية تمثل نموذجًا للتعاون متعدد الأطراف، يجمع بين وكالات الأمم المتحدة والحكومة المصرية من أجل خدمة التنمية المحلية. وأكدت أن اختيار قنا يعكس الأهمية التي توليها الأمم المتحدة للمحافظات التي تمتلك فرصًا غير مستغلة بشكل كافٍ، مشيرة إلى أن المشروع يتزامن مع الاحتفال بمرور 80 عامًا على تأسيس الأمم المتحدة، وهو ما يعكس عمق الشراكة مع مصر.
من جانبه، أوضح الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا أن المشروع يمثل إضافة كبيرة للجهود المبذولة لتعزيز مكانة المحافظة على الخريطة السياحية لمصر. ولفت إلى أن خطة التنمية ستعتمد على دمج السياحة الثقافية والريفية، من خلال تقديم تجارب متنوعة تشمل الحرف اليدوية والعروض التراثية والأنشطة الريفية مثل ركوب الخيل والتنزه في المزارع، إلى جانب المأكولات الشعبية التي تعكس هوية المنطقة. وأضاف المحافظ أن هذه الجهود ستسهم في جذب المزيد من الزوار وخلق فرص عمل جديدة لأبناء المحافظة.
وأكد أحمد رزق، مدير برنامج الهابيتات في مصر، أن الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تهدف إلى ربط الحفاظ على التراث بالنمو الاقتصادي، موضحًا أن المشروع سيوفر نموذجًا عمليًا يمكن تعميمه في مناطق أخرى بمصر. وأشار إلى أن دمج السياحة مع التنمية الاقتصادية المحلية سيؤدي إلى تمكين المرأة والشباب، وتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يضمن استفادة المجتمع المحلي من عوائد التنمية.
وفي السياق نفسه، قالت السيدة تشيتوسي نوجوتشي إن المشروع لا يقتصر على دعم السياحة فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الاستدامة البيئية وحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي. وأضافت أن السياحة الريفية يمكن أن تكون رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية، لأنها تربط المجتمعات المحلية مباشرة بالأنشطة الاقتصادية وتوفر فرص دخل جديدة.
المشروع يهدف كذلك إلى معالجة التحديات التي تعوق نمو السياحة في قنا، مثل ضعف البنية التحتية السياحية والتدهور البيئي في بعض المواقع، إلى جانب الفجوات في الخدمات المقدمة للزوار. ومن خلال الدعم الفني من البرنامجين والاستعانة بالاستشاريين المحليين مثل مؤسسة "تكوين للتنمية المجتمعية المتكاملة"، سيتم وضع وتنفيذ خطط شاملة تضمن استدامة المشروع على المدى الطويل.
بهذه الخطوة، تفتح محافظة قنا آفاقًا جديدة لدمج السياحة المستدامة في خطط التنمية الاقتصادية، بما يعزز مكانتها كمركز ثقافي وسياحي، ويتيح لسكانها فرصًا أكبر للاستفادة من مواردهم المحلية وتراثهم العريق.
