شهدت تسع محافظات مصرية صباح اليوم انطلاق الدراسة في مراكز تنمية الأسرة والطفولة، التي تم تجهيزها وتشغيلها داخل قرى المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، وذلك في إطار بروتوكول التعاون الموقع بين وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية المحلية، بالشراكة مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وعدد من منظمات المجتمع المدني.
ويمثل هذا الحدث نقطة انطلاق جديدة في مسار دعم التعليم المبكر والتنمية المجتمعية، حيث جرى تهيئة المراكز بشكل متكامل لتقديم خدمات تعليمية وتربوية للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، إلى جانب توفير برامج توعوية وتنموية للأسرة، بما يعزز من دور هذه المراكز كأحد أدوات الدولة لتحقيق التنمية المستدامة داخل القرى الأكثر احتياجًا.
البروتوكول الذي أُبرم في أكتوبر 2024 وضع خطة واضحة لتشغيل 47 مركزًا موزعة على 9 محافظات هي: الإسماعيلية، البحيرة، الوادي الجديد، قنا، سوهاج، أسوان، الدقهلية، المنوفية، والشرقية. وقد جرى الانتهاء من أعمال التجهيز خلال أقل من عام، وهو ما اعتبره مسؤولو الوزارات المعنية والتحالف الوطني نموذجًا ناجحًا للتكامل بين أجهزة الدولة والمجتمع المدني.
ويأتي تشغيل هذه المراكز في إطار سعي الدولة إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للأطفال من عمر 4 إلى 6 سنوات، حيث توفر المراكز بيئة تعليمية آمنة ومحفزة تعتمد على أساليب حديثة في التعلم، وتجمع بين الأنشطة التربوية والثقافية والترفيهية. كما تستهدف تمكين الأسر من خلال برامج توعوية واستشارات تربوية تساعدهم على تنشئة أطفالهم بطريقة سليمة.
وقد تولت مؤسسات المجتمع المدني الأعضاء في التحالف الوطني مسؤولية إدارة وتشغيل هذه المراكز، ومن أبرزها: مؤسسة صناع الخير، مؤسسة صناع الحياة، مؤسسة حياة كريمة، مؤسسة راعي مصر، أسقفية الخدمات المسكونية، الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، جمعية الأورمان، جمعية رسالة، جمعية رعاية مرضى الكبد، ومؤسسة مصر الخير. كما ساهمت جمعيات قاعدية محلية مثل جمعية الشبان العالمية، جمعية منتدى شباب البلينا، وجمعية تنمية المجتمع بالحرجة بحري في إدارة عدد من المراكز تحت إشراف مؤسسات التحالف.
هذا التعاون الواسع بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني عكس التزامًا مشتركًا بخلق بيئة تنموية متكاملة، حيث لم يقتصر الأمر على تقديم خدمات تعليمية فقط، بل امتد إلى إشراك المجتمع المحلي في عملية التشغيل والإدارة، بما يضمن استدامة المشروع وتعزيز روح المشاركة والمسؤولية المجتمعية.
ويُنتظر أن تحقق هذه المراكز مجموعة من الأهداف طويلة المدى، في مقدمتها دعم التعليم المبكر للأطفال، وتوفير خدمات اجتماعية ونفسية تسهم في بناء شخصية الطفل بشكل متوازن، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الأسري وتقديم التدريب للأهالي لتمكينهم من رعاية أبنائهم بكفاءة أكبر. كما ستلعب هذه المراكز دورًا محوريًا في دعم التنمية المجتمعية عبر الشراكات الفاعلة بين القطاعات الحكومية والأهلية.
من جانبه، أكد مسؤولو وزارة التضامن الاجتماعي أن هذه الخطوة تمثل بداية لمسار أكبر يستهدف تعميم الفكرة على نطاق أوسع خلال السنوات المقبلة، مشيرين إلى أن التجربة الحالية في المحافظات التسع ستوفر نموذجًا يمكن البناء عليه وتطويره.
أما مسؤولو وزارة التربية والتعليم فأوضحوا أن هذه المراكز لا تقتصر على كونها حضانات أو أماكن رعاية للطفل، بل هي بيئة تعليمية متكاملة ترتكز على المناهج الحديثة التي تراعي احتياجات الطفل النفسية والعقلية والاجتماعية، وتساعده على اكتساب مهارات أساسية تمهيدًا لمرحلة التعليم الابتدائي.
في السياق ذاته، شددت وزارة التنمية المحلية على أن إدماج هذه المراكز ضمن مشروع «حياة كريمة» يعكس رؤية الدولة في أن التنمية لا تقتصر على البنية التحتية فقط، بل تشمل أيضًا بناء الإنسان منذ سنواته الأولى، بما يضمن إعداد أجيال قادرة على المساهمة الفعالة في مستقبل الوطن.
ويُعد تشغيل هذه المراكز إنجازًا بارزًا يضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققتها مبادرة «حياة كريمة»، والتي تحولت إلى مشروع قومي شامل يسعى إلى تحسين نوعية الحياة في القرى المصرية من خلال توفير الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والتنموية، إلى جانب الارتقاء بالبنية التحتية وتوفير فرص العمل.
وبذلك، يمثل انطلاق الدراسة في مراكز تنمية الأسرة والطفولة خطوة جديدة في مسيرة بناء الإنسان المصري، وتجسيدًا حيًا لمبدأ الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، بما يضمن تحقيق تنمية متوازنة وشاملة تصل إلى جميع الفئات والمناطق داخل الجمهورية.

