في خطوة تعكس سرعة الاستجابة الحكومية للأحداث الطارئة، استقبل اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، صباح اليوم السبت، وزير العمل محمد جبران بديوان عام المحافظة، وذلك عقب وصوله إلى مدينة طنطا في جولة ميدانية تهدف إلى متابعة تداعيات حادث الحريق الكبير الذي اندلع مساء الجمعة داخل مصبغة "غزل البشبيشي" بحي أول المحلة الكبرى، والذي خلّف عدداً من الضحايا والمصابين.
اللقاء بين الوزير والمحافظ جاء في أجواء يغلب عليها الحزن والتأهب، حيث أكد الطرفان أن الأولوية القصوى حالياً هي مساندة أسر الضحايا والمصابين، وتقديم كافة أشكال الدعم الممكنة للمتضررين، سواء على مستوى الرعاية الصحية العاجلة أو الدعم المادي والمعنوي للأسر.
وأكد الوزير جبران في تصريحات صحفية أن الزيارة تأتي بتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية، التي تتابع الحادث لحظة بلحظة منذ وقوعه، وأن الحكومة لن تدخر جهداً في سبيل تخفيف آثار هذه الكارثة عن أبناء المحلة الكبرى، موضحاً أن وزارته في حالة تنسيق دائم مع الأجهزة التنفيذية بمحافظة الغربية لمتابعة تطورات الموقف على الأرض.
وأضاف أن خططاً عاجلة يجري تنفيذها حالياً تشمل توفير تعويضات مناسبة لأسر المتوفين، وصرف مساعدات عاجلة للمصابين، إلى جانب متابعة ملفات العمال المتضررين من الحريق فيما يخص حقوقهم العمالية والتأمينية، لضمان عدم تأثر أوضاعهم المعيشية جراء توقف المصنع.
من جانبه، شدد اللواء أشرف الجندي على أن أجهزة المحافظة بكامل قطاعاتها في حالة استنفار منذ وقوع الحادث، حيث تم الدفع بعشرات سيارات الإسعاف والمطافئ للسيطرة على النيران وإنقاذ أكبر عدد من المصابين، مضيفاً أن غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة ما زالت منعقدة على مدار الساعة لمتابعة كل ما يستجد من تفاصيل.
وتابع المحافظ قائلاً: "الحادث مؤلم للجميع، والمحلة الكبرى مدينة عريقة بتاريخها الصناعي والعمالي، ولن نترك أبناءها في مواجهة هذه الأزمة وحدهم، فالجميع شركاء في تجاوزها". وأكد أن المحافظة تعمل بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لصرف إعانات عاجلة، ومع وزارة الصحة لتقديم أعلى مستويات الرعاية الطبية للمصابين.
ومن المقرر أن يتوجه الوزير جبران برفقة محافظ الغربية إلى موقع الحادث بحي أول المحلة لتفقد آثار الحريق عن قرب والاطلاع على تقارير اللجنة الفنية الخاصة بأسباب اندلاع النيران، والتي بدأت عملها منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، تمهيداً لإعلان نتائج التحقيقات الأولية خلال الأيام المقبلة. كما سيزوران عدداً من المصابين داخل المستشفيات بالمحلة وطنطا، للوقوف على حالتهم الصحية وتقديم الدعم النفسي لهم ولذويهم.
ويخطط الوزير لزيارة أسر الضحايا في منازلهم، حيث أكد أن "واجب العزاء ليس مجرد بروتوكول رسمي، وإنما هو رسالة إنسانية تعكس تضامن الدولة مع مواطنيها في أصعب اللحظات".
هذا وتشير التقديرات الأولية إلى أن الحريق، الذي اندلع نتيجة ماس كهربائي وفقاً لشهود عيان، استمر لساعات قبل أن تتمكن قوات الحماية المدنية من السيطرة عليه فجر اليوم، بعدما خلّف خسائر بشرية ومادية كبيرة.
ويُذكر أن مصنع "غزل البشبيشي" يُعد من أقدم المصانع المتخصصة في مجال الغزل والنسيج بالمحلة، ويعمل به مئات العمال من أبناء المدينة والمراكز المجاورة، مما يجعل من الحادث مأساة تمس شريحة واسعة من المجتمع المحلي.
في سياق متصل، أعلن محافظ الغربية عن تشكيل لجنة لحصر الخسائر وتعويض المتضررين، تضم ممثلين عن مديرية القوى العاملة، ومجلس المدينة، ووزارة التضامن، وذلك لضمان سرعة صرف التعويضات وتنفيذ الإجراءات العاجلة. كما أشار إلى أن تقريراً مفصلاً عن الحادث سيتم رفعه إلى مجلس الوزراء خلال الساعات المقبلة لعرضه على القيادة السياسية.
ويترقب الشارع في المحلة الكبرى زيارة الوزير والمحافظ إلى موقع الحريق، حيث يعقد الأهالي آمالاً على أن تسفر هذه الجولة عن خطوات ملموسة على الأرض، تعوضهم عن الخسائر وتعيد لهم الاطمئنان بعد ليلة وُصفت بالأصعب في تاريخ المدينة الصناعي.

