شهدت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، مساء الجمعة، احتفالية العيد المئوي لتأسيس وتدشين كنيسة السيدة العذراء مريم بالزيتون، في أجواء مفعمة بالروحانية والوطنية، بحضور قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعدد كبير من الشخصيات العامة ورموز المجتمع والقيادات الكنسية.
جاءت مشاركة الوزيرة تقديرًا لما تمثله الكنيسة من قيمة تاريخية وروحية في وجدان المصريين، إذ تُعد كنيسة العذراء بالزيتون من أبرز المعالم الدينية التي ارتبطت في ذاكرة المصريين بظهورات السيدة العذراء في ستينيات القرن الماضي، والتي شهدها الآلاف من المواطنين مسلمين ومسيحيين على حد سواء، ما جعلها رمزًا للوحدة والمحبة بين أبناء الوطن الواحد.
حضر الاحتفالية أيضًا السفيرة نبيلة مكرم، رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، وعدد من المطارنة والأساقفة، إلى جانب رموز فكرية ودينية وشخصيات عامة، وسط حضور شعبي واسع من أبناء الكنيسة من مختلف المحافظات الذين حرصوا على المشاركة في هذا الحدث التاريخي.
وخلال كلمتها، أعربت الدكتورة مايا مرسي عن سعادتها بالمشاركة في احتفال له مكانة خاصة في قلوب المصريين، مؤكدة أن كنيسة العذراء بالزيتون ليست مجرد مبنى أثري أو دار عبادة، بل هي شاهد على تاريخ طويل من التآخي والمحبة التي تجمع المصريين بمختلف عقائدهم. وأضافت أن مرور مئة عام على تأسيس هذه الكنيسة العريقة يجسد معاني الاستمرارية والإيمان الراسخ، ويعبر عن عراقة الكنيسة المصرية التي كانت ولا تزال ركيزة أساسية في النسيج الوطني.
كما نقلت الوزيرة تحيات القيادة السياسية وتهنئتها لقداسة البابا تواضروس الثاني ولجموع الأقباط بهذه المناسبة، مشيرة إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تولي اهتمامًا كبيرًا بصون دور العبادة والحفاظ على قيم التعايش، باعتبارها أساس الاستقرار والتقدم.
من جانبه، أعرب قداسة البابا تواضروس الثاني عن شكره لجميع الحاضرين، مؤكدًا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منذ تأسيسها وحتى اليوم، كانت دائمًا شريكًا وطنيًا فاعلًا في مسيرة بناء الوطن وخدمة المجتمع. وأشار إلى أن إعادة تدشين الكنيسة بعد أعمال التطوير والترميم التي استمرت لعدة سنوات تمثل رسالة أمل وتجديد، تجمع بين الحفاظ على التراث والانفتاح على المستقبل.
وقد تضمنت الاحتفالية عرضًا توثيقيًا تناول تاريخ الكنيسة منذ إنشائها عام 1925، مرورًا بالمراحل التي شهدت فيها ظهورات السيدة العذراء عام 1968، وحتى أعمال الترميم والتطوير الأخيرة التي أعادت إليها بريقها التاريخي مع الحفاظ على طرازها المعماري المميز الذي يجمع بين الأصالة والحداثة.
كما قدم كورال الكنيسة عددًا من الترانيم والأناشيد الدينية التي عبرت عن روح المناسبة، وسط أجواء من البهجة والامتنان، فيما تجولت الوزيرة والوفد المرافق لها داخل أروقة الكنيسة بعد تدشينها، حيث استمعت إلى شرح من القائمين على المشروع حول تفاصيل أعمال الترميم التي شملت تحسين البنية التحتية وتطوير الإضاءة والزخارف والمقتنيات الأثرية.
واختُتمت الفعالية بتبادل كلمات الشكر والدعاء لمصر بالمزيد من الأمن والاستقرار، فيما أعرب الحضور عن تقديرهم لمشاركة مؤسسات الدولة في مثل هذه المناسبات التي تعزز قيم الوحدة الوطنية والتعايش المشترك بين أبناء الشعب المصري، مؤكدين أن احتفال المئوية ليس فقط مناسبة كنسية، بل هو احتفال مصري خالص يجسد روح المحبة التي تجمع الجميع تحت راية الوطن.
بهذا المشهد المهيب، اختتمت الكنيسة احتفالها بالمئوية، في لحظة جمعت بين عبق التاريخ وروح الحاضر، لتظل كنيسة العذراء بالزيتون رمزًا خالدًا للإيمان والوطنية والتسامح الذي يميز مصر على مر العصور.
