في خطوة تعكس عمق العلاقات المصرية الكويتية، استقبل وزير العمل، محمد جبران، اليوم الأحد، بمكتبه في العاصمة الإدارية الجديدة، السفير محمد جابر أبو الوفا، الذي يستعد لتولي مهامه رسميًا كسفير لجمهورية مصر العربية لدى دولة الكويت خلال الفترة المقبلة.
اللقاء، الذي جاء في أجواء ودية وتنسيقية، حمل رسائل واضحة حول التوجه المشترك لتعزيز التعاون بين القاهرة والكويت في مجالات العمل والعمالة، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من الجانبين بتنظيم سوق العمل وتوفير فرص جديدة للشباب المصري، بما يتماشى مع احتياجات الاقتصاد الكويتي.
تهنئة وبداية تعاون
في بداية اللقاء، هنأ الوزير محمد جبران السفير الجديد على توليه منصبه الرفيع، متمنيًا له التوفيق في مهمته التي تمثل امتدادًا لتاريخ طويل من العلاقات المتميزة بين البلدين. وأكد الوزير أن وزارة العمل على استعداد كامل لتقديم كل سبل الدعم الممكنة للسفارة المصرية بالكويت، بما يخدم مصلحة العمالة المصرية ويعزز مكانتها هناك.
السفير من جانبه عبّر عن تقديره لهذه اللفتة، مؤكدًا أن تعزيز التعاون مع وزارة العمل سيكون أحد أولوياته خلال فترة عمله، خاصة في الملفات ذات الاهتمام المشترك مثل تنظيم العمالة، التدريب والتأهيل المهني، وضمان حقوق العاملين المصريين في الكويت.
ملفات مطروحة للنقاش
اللقاء لم يقتصر على التهنئة الرسمية، بل تطرق إلى مناقشة عدد من الملفات المهمة، على رأسها تطوير آليات التدريب المهني للشباب المصري، وتأهيلهم بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل الكويتي، الذي يشهد تحولات متسارعة في قطاعات مختلفة.
وأشار الوزير جبران إلى أن وزارة العمل تعمل حاليًا على تحديث منظومة التدريب المهني، عبر شراكات مع مؤسسات محلية ودولية، تهدف إلى إعداد جيل من العمالة المؤهلة وفقًا لمعايير الجودة العالمية، بما يفتح الباب أمام فرص عمل أكثر استقرارًا في الداخل والخارج.
كما شدد الوزير على أن الوزارة لا تقتصر جهودها على توفير فرص عمل، بل تركز أيضًا على الارتقاء بمستوى المهارات، لضمان أن يكون العامل المصري قادرًا على المنافسة في أسواق العمل الإقليمية والدولية، لافتًا إلى أن الكويت واحدة من الوجهات الأساسية للعمالة المصرية، الأمر الذي يجعل التعاون مع السفارة هناك ضرورة استراتيجية.
أبعاد إنسانية واقتصادية
أهمية اللقاء تتجاوز مجرد مناقشة قضايا العمالة، إذ يمثل خطوة في إطار الاهتمام المستمر من الدولة المصرية برعاية مواطنيها العاملين بالخارج، وضمان حصولهم على حقوقهم، وتوفير بيئة عمل مناسبة تحفظ كرامتهم وتلبي احتياجاتهم.
من الناحية الاقتصادية، فإن تنظيم وتطوير العمالة المصرية في الخارج يسهم في زيادة تحويلات المصريين، التي تعد رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني، وهو ما يجعل التنسيق المستمر بين وزارة العمل والسفارات المصرية أمرًا محوريًا.
رؤية مشتركة للمستقبل
وزير العمل أوضح أن الوزارة تسعى إلى التوسع في برامج التدريب التي تركز على القطاعات المطلوبة في الكويت مثل التشييد والبناء، التمريض، تكنولوجيا المعلومات، والمهن الحرفية المتخصصة. وأكد أن هذه الرؤية تتسق مع خطة الدولة لفتح أسواق عمل جديدة أمام الشباب المصري.
السفير محمد جابر أبو الوفا أشار من جانبه إلى أن العلاقات المصرية الكويتية تتسم بالخصوصية، وأن هناك فرصًا كبيرة لتطويرها في ملف العمالة، بما يضمن مصلحة الطرفين. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تنسيقًا متواصلًا مع وزارة العمل لتذليل العقبات، وتقديم الدعم الكامل للجالية المصرية بالكويت، التي تعد واحدة من أكبر الجاليات هناك.
حضور رسمي
شهد اللقاء حضور رشا عبدالباسط، رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الدولية بوزارة العمل، التي شاركت في مناقشة الجوانب الفنية الخاصة بالتعاون مع السفارة المصرية بالكويت، وأكدت أن الوزارة تمتلك قاعدة بيانات محدثة حول العمالة المدربة، يمكن أن تكون ركيزة أساسية في التنسيق مع الجانب الكويتي.
تأكيد على العلاقات التاريخية
يُذكر أن العلاقات المصرية الكويتية تمتد لعقود طويلة، وتشهد دائمًا تعاونًا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويُعد ملف العمالة من أبرز جوانب هذه العلاقات، حيث يساهم مئات الآلاف من المصريين العاملين بالكويت في مختلف القطاعات، ويساهمون بدور حيوي في دعم الاقتصاد الكويتي، إلى جانب كونهم جسرًا للتواصل بين الشعبين الشقيقين.
نحو تعاون أوسع
اللقاء بين الوزير والسفير لا يمثل مجرد اجتماع بروتوكولي، بل يُعد بداية لمسار جديد من التعاون العملي، يستهدف رفع كفاءة العمالة المصرية، وحماية حقوقها، وتوسيع مجالات تشغيلها، وهو ما يترجم رؤية الدولة المصرية في التعامل مع ملف العمل باعتباره أحد ركائز التنمية.
وفي ختام اللقاء، جدّد وزير العمل تهنئته للسفير على منصبه الجديد، مؤكدًا أن وزارة العمل ستظل دائمًا شريكًا داعمًا للسفارة المصرية بالكويت في كل ما يخص مصلحة العمالة المصرية. فيما عبّر السفير عن امتنانه لهذه الروح التعاونية، مشيرًا إلى أن العمل المشترك سيعكس الصورة الحقيقية للعلاقات المصرية الكويتية التي طالما اتسمت بالقوة والرسوخ.

