في إطار مشاركة مصر الفاعلة في القضايا الإقليمية والدولية، شارك الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، في المائدة المستديرة التي عُقدت اليوم الأحد ١٩ أكتوبر بمدينة أسوان، ضمن فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، لمناقشة مستجدات الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي، وسبل دعم جهود التنمية ومكافحة الإرهاب في دولها.
شارك في المائدة المستديرة وزراء خارجية كل من مالي وبوركينافاسو وأنجولا، إلى جانب مبعوثي الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وممثلين عن البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي، حيث ناقش الحضور آليات تعزيز التعاون الدولي لدعم الاستقرار في دول الساحل التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متشابكة.
خلال كلمته، أكد الوزير عبد العاطي أن مصر تنظر إلى أمن واستقرار منطقة الساحل باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي الأفريقي، مشيرًا إلى أن ما تشهده المنطقة من تصاعد في التحديات الأمنية والتنموية يتطلب تحركًا جماعيًا قائمًا على الشراكة والتضامن. وأوضح أن القاهرة كانت وما زالت داعمة لكل المبادرات الأفريقية التي تستهدف ترسيخ الاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن التنمية هي خط الدفاع الأول ضد الفكر المتشدد والعنف المسلح.
وأشار الوزير إلى أن مصر قدّمت على مدار السنوات الماضية برامج متنوعة لتدريب الكوادر الوطنية في دول الساحل في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والإدارة العامة والتنمية البشرية، فضلًا عن التعاون القائم عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي تعد ذراع مصرية مخصصة لدعم التنمية في القارة الأفريقية.
كما استعرض عبد العاطي الدور الذي يلعبه الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف، من خلال إرسال بعثات دعوية وتعليمية إلى عدد من دول الساحل، بهدف نشر قيم الوسطية والاعتدال والتعايش، وتحصين الشباب ضد الفكر المنحرف، مؤكدًا أن هذا الدور الديني والفكري يعد مكملاً للجهود الأمنية والتنموية، وأن مصر تضع خبراتها تحت تصرف الأشقاء في المنطقة من أجل تحقيق نهضة شاملة ومستدامة.
وشدد وزير الخارجية على أن التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب أثبتت أهمية المقاربة الشاملة التي تجمع بين الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية، مؤكدًا أن الاعتماد على البعد الأمني وحده لا يكفي، وأن تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتعزيز التعليم هي الأساس الحقيقي لبناء مجتمعات مستقرة قادرة على مقاومة التطرف.
من جانبهم، أشاد المشاركون في المائدة المستديرة بالدور المصري المتوازن في دعم الاستقرار في القارة الأفريقية، مؤكدين أهمية تبادل الخبرات بين الدول، وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات المتفاقمة في منطقة الساحل. كما اتفق الحاضرون على ضرورة تنسيق الجهود بين مؤسسات التمويل الدولية والاتحاد الأفريقي والدول المانحة لتوفير الدعم اللازم لمشروعات التنمية والبنية التحتية، بما يسهم في تحسين أوضاع المواطنين ودعم مسار السلام.
واختتم عبد العاطي مشاركته بالتأكيد على التزام مصر بمواصلة التعاون الوثيق مع دول الساحل والشركاء الدوليين، مشددًا على أن بناء السلام الدائم في القارة لا يتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتمكين الشباب والمرأة، وتطوير التعليم، وتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية.
ويأتي انعقاد المائدة المستديرة في إطار اهتمام منتدى أسوان للسلام والتنمية بتعزيز الحوار الأفريقي حول القضايا الأمنية والتنموية المشتركة، وتبادل التجارب الناجحة في بناء السلام المستدام في القارة، تأكيدًا لمكانة مصر كمنصة إقليمية للحوار والتعاون من أجل مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية في أفريقيا.

