في خطوة نوعية تستهدف تطوير منظومة التأمين الصحي في مصر، عقد مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل اجتماعًا استثنائيًا لبحث عدد من الملفات التنظيمية والمالية، جاء في مقدمتها اعتماد الهيكل الإداري الجديد للهيئة، وإقرار سياسة استثمارية حديثة تواكب متطلبات التوسع في تطبيق المنظومة بجميع المحافظات.
الاجتماع الذي حمل رقم (97)، عُقد بمقر الهيئة في القاهرة، برئاسة الدكتور إيهاب أبو عيش نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة، وبمشاركة عدد من الشخصيات البارزة في مجالات الاقتصاد والتمويل والصحة العامة، من بينهم المستشار محمد عبيد نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور أحمد مصطفى رئيس هيئة التأمين الصحي، والمهندس محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، واللواء جمال عوض رئيس هيئة التأمين الاجتماعي، والدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة الأسبق، إلى جانب عدد من ممثلي الوزارات المعنية.
ناقش المجلس في بداية الجلسة مقترح الهيكل التنظيمي الجديد للهيئة، والذي أعدته لجنة الموارد البشرية التابعة للمجلس، حيث تضمن المقترح استحداث إدارات جديدة للتميز المؤسسي والدعم الفني، إلى جانب إعادة توزيع تبعيات بعض الإدارات على نحو يحقق سرعة تدفق العمل ورفع كفاءة الأداء داخل المقر الرئيسي وفروع المحافظات.
ويأتي هذا التحديث استكمالًا لخطة الهيئة في التوسع المرحلي للمنظومة، بما يضمن سهولة الربط الإلكتروني بين وحدات التأمين المختلفة وتقديم خدمات صحية بمعايير موحدة.
وأكد أعضاء المجلس خلال المناقشة أن الهيكل الجديد يُعد خطوة مهمة لتعزيز الشفافية والحوكمة المؤسسية داخل المنظومة، خاصة في ظل توجه الدولة نحو رقمنة الخدمات العامة وربطها بقاعدة بيانات موحدة تسهل عملية المتابعة والتقييم.
كما استعرضت مي فريد، المدير التنفيذي للهيئة، تقريرًا حول تطوير عقود تقديم الخدمة الطبية المعتمدة من الهيئة، مشيرة إلى أنه تم إدراج بند جديد يُلزم جميع مقدمي الخدمات الصحية – سواء من القطاع العام أو الخاص – بالتكامل الرقمي مع قواعد بيانات الهيئة، ضمانًا لتوحيد آليات تسجيل المرضى وجودة الخدمات المقدمة.
ويُعد هذا الإجراء أحد أهم الخطوات العملية نحو التحول الرقمي الكامل في نظام التأمين الصحي الشامل.
من جانبه، عرض الأستاذ شريف سامي، رئيس لجنة شؤون الاستثمار والتمويل، ملامح السياسة الاستثمارية الجديدة للهيئة، التي تستهدف تنويع مصادر العائد المالي وضبط معدلات المخاطر، من خلال توزيع الاستثمارات على آجال مختلفة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، بما يضمن الحفاظ على السيولة الكافية لمواجهة الالتزامات قصيرة المدى، دون التأثير على استدامة التمويل طويل الأمد للمنظومة.
وأوضح سامي أن السياسة الجديدة تقوم على مبدأ المرونة الاستثمارية وتوسيع قاعدة الأدوات المالية الآمنة، مع الالتزام الكامل بالمعايير الرقابية والقانونية التي تحكم عمل الهيئة، مشيرًا إلى أن إعداد دليل واضح للسياسة الاستثمارية سيكون المرجع الرئيسي لخطط الاستثمار المستقبلية، بهدف تحقيق عائد مستقر ومستدام يواكب حجم التوسع الجاري في تطبيق المنظومة.
وخلال الاجتماع، وافق مجلس الإدارة على مشاركة الهيئة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية، المقرر انعقاده خلال الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر المقبل، دون تحمل أي أعباء مالية إضافية، وذلك في إطار حرص الهيئة على عرض تجربتها في مجال التغطية الصحية الشاملة ومشاركة خبراتها مع المؤسسات الدولية.
وأكدت مي فريد في ختام الاجتماع أن القرارات التي أقرها المجلس هذا الأسبوع تمثل مرحلة جديدة من التطوير الإداري والرقمي داخل الهيئة، وأن تنفيذ الهيكل الجديد سيُحدث نقلة في مستوى الأداء داخل الوحدات والفروع، بما يضمن تقديم خدمة صحية آمنة ومستدامة للمواطنين.
واختتم الاجتماع بالتأكيد على أن السياسات التي تم اعتمادها، سواء على مستوى التنظيم أو الاستثمار أو التحول الرقمي، تُعد جزءًا من الرؤية الأشمل للدولة في بناء نظام صحي شامل وذكي يقوم على معايير الحوكمة والجودة والكفاءة المالية، بما يحقق أهداف رؤية مصر 2030 في قطاع الصحة والتنمية البشرية.

