بكلمة مسجلة حملت رسائل واضحة للقارة السمراء والمجتمع الدولي، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي أعمال النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والذي انطلقت فعالياته صباح الأحد 19 أكتوبر 2025، بمشاركة واسعة من القادة الأفارقة وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، وعدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بملفات السلم والتنمية في إفريقيا.
وأكد الرئيس السيسي في كلمته أن المنتدى أصبح خلال سنوات قليلة منصة إفريقية رائدة للحوار والتعاون، تعكس صوت القارة وتطرح حلولًا واقعية نابعة من داخلها، مشيراً إلى أن المنتدى الذي أطلقته مصر عام 2019 خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي، استطاع أن يرسخ مكانته كجسر للتواصل بين القادة وصناع القرار، في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه القارة والعالم.
وأضاف الرئيس أن النسخة الحالية تنعقد وسط ظروف عالمية معقدة، يشهد فيها المجتمع الدولي تراجعًا في الالتزام بالتعهدات الخاصة بتمويل المناخ، وتفاقم أزمات الديون، وغياب العدالة في توزيع الموارد، مما انعكس سلبًا على الدول النامية، خصوصًا الإفريقية التي تتحمل العبء الأكبر رغم محدودية إسهامها في أسباب تلك الأزمات.
وأشار الرئيس إلى أن الإرهاب والنزاعات المسلحة ما زالت تمثل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار القارة، إلى جانب قضايا الهجرة غير الشرعية والأمن الغذائي والمائي، مؤكدًا أن مصر تواصل دعمها للجهود الإفريقية الرامية إلى تحقيق السلام والتنمية، وأنها تولي اهتمامًا خاصًا بملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، في إطار التزامها بتنفيذ سياسة الاتحاد الإفريقي المحدثة في هذا الشأن.
كما شدد الرئيس السيسي على أن القارة الإفريقية تمتلك مقومات تؤهلها لأن تكون طرفًا فاعلًا في استعادة توازن النظام الدولي، مشيرًا إلى ما حققته من خطوات ملموسة في تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية وتعزيز التكامل الإقليمي، لافتًا إلى أن التحديات الراهنة يجب أن تكون دافعًا لتعميق التعاون الإفريقي المشترك وتحقيق التنمية الشاملة التي تليق بطموحات شعوب القارة.
من جانبه، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش كلمة عبر الفيديو، أعرب فيها عن تقديره لمصر على استضافة المنتدى الذي وصفه بأنه منصة أساسية لتعزيز الشراكات الدولية في مجالات السلم والتنمية. وأكد أن العالم بحاجة إلى “رؤية إفريقية خالصة” لمعالجة الأزمات المتشابكة في الأمن والاقتصاد والمناخ، داعيًا إلى إصلاح المنظومة المالية الدولية لتحقيق تمثيل أعدل للقارة الإفريقية داخل المؤسسات الاقتصادية الكبرى ومجلس الأمن الدولي.
كما ألقى رئيس وزراء الصومال حمزة عبدي بري كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، أكد فيها أهمية منتدى أسوان في دعم الحوار الإقليمي حول قضايا السلم والأمن، مشيرًا إلى أن مواجهة الإرهاب وبناء مؤسسات قوية يمثلان الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في إفريقيا، داعيًا إلى تعزيز الاستثمارات في التعليم والبنية التحتية وخلق فرص العمل للشباب.
وفي كلمته، أكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي أن المنتدى يجسد رؤية مصر الثابتة بأن السلم والتنمية وجهان لعملة واحدة، وأن غياب أحدهما يعيق تحقيق الآخر. وأوضح أن المنتدى أصبح ملتقى سنويًا يجمع القادة وصناع القرار والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لمناقشة القضايا الإفريقية من منظور شامل ومتوازن، بعيدًا عن المعايير المزدوجة والسياسات الانتقائية.
كما أشار وزير خارجية أنجولا تيتي أنطونيو إلى أن النسخة الخامسة من المنتدى تتماشى مع أولويات الرئاسة الأنجولية للاتحاد الإفريقي، خاصة ما يتعلق بتعزيز التكامل الاقتصادي ومواجهة التحديات الأمنية والتنموية في القارة، مؤكدًا أن التعاون الإفريقي المشترك هو الطريق الأوحد لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
واختُتمت الجلسة الافتتاحية بالتأكيد على أن توصيات المنتدى، والتي ستصدر في وثيقة ختامية بعنوان «استخلاصات أسوان»، ستمثل خريطة طريق عملية لتنفيذ الأفكار والمبادرات المطروحة خلال العام، بما يعزز جهود تحقيق التنمية والسلام المستدام في القارة الإفريقية.

