في خطوة جديدة تعكس اهتمام الدولة المصرية بالأطباء باعتبارهم الركيزة الأساسية للقطاع الصحي، أعلنت وزارة الصحة والسكان أن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية سيتحمل كامل الرسوم الخاصة بالأطباء المتقدمين لامتحانات البورد المصري، وذلك ضمن بروتوكول التعاون الموقع بين الصندوق و"المجلس الصحي المصري".
القرار يأتي ليعزز توجه الدولة نحو الاستثمار في العنصر البشري داخل القطاع الطبي، وتهيئة بيئة عمل أفضل للأطقم الطبية، بما يسهم في رفع كفاءتهم العلمية والعملية، ويؤهلهم لتقديم خدمات صحية على أعلى مستوى.
تنفيذ لتوجيهات القيادة السياسية
وأوضحت وزارة الصحة أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، الذي شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة دعم الأطباء ماديًا ومعنويًا، وتحفيزهم على مواصلة مسيرتهم العلمية والمهنية.
الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أكد أن الصندوق قام بالفعل بسداد كامل رسوم الجزء الأول من امتحان البورد المصري – دورة أغسطس 2025 – عن 1203 دارسين، موضحًا أن هذا الدعم يعكس رؤية واضحة لتحسين أوضاع الأطباء وتخفيف الأعباء المالية عنهم، حتى يتمكنوا من التركيز على التحصيل العلمي والتدريب الإكلينيكي.
خطوة على طريق الاستثمار في الكوادر الطبية
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن "صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية" لا يقتصر دوره على تقديم الدعم في حالات الطوارئ أو الحوادث المهنية، بل يعمل أيضًا على إطلاق مبادرات نوعية تضمن تحسين بيئة العمل ورفع مستوى الأطباء. وتابع أن سداد رسوم امتحانات البورد المصري يمثل نقلة مهمة في توفير الحوافز اللازمة للأطباء، بما يواكب توجهات الدولة نحو الاستثمار في رأس المال البشري.
وأكد أن دعم الصندوق يعكس فلسفة تقوم على رد الجميل للأطباء الذين يواجهون يوميًا تحديات مهنية وصحية في سبيل تقديم الخدمة الطبية للمواطنين، مضيفًا أن مثل هذه المبادرات تزيد من انتماء الأطباء لعملهم وتشجعهم على الاستمرار في تطوير مهاراتهم.
تصريحات من إدارة الصندوق
من جانبه، قال اللواء حسين دحروج، المدير التنفيذي لصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية، إن الصندوق يضع على رأس أولوياته توفير الدعم الكامل للأطباء في مختلف الجوانب، سواء ماديًا أو اجتماعيًا، مشيرًا إلى أن تحمّل رسوم امتحانات البورد المصري يعد إحدى الخطوات العملية لتعزيز مكانة الأطباء والاعتراف بدورهم المحوري.
وأضاف أن الصندوق سيواصل العمل على إطلاق برامج ومبادرات تهدف إلى التوسع في أشكال الدعم، بما يضمن للأطباء حياة مهنية مستقرة، ويعزز قدرتهم على تقديم خدمة طبية تليق بالمواطن المصري.
أهمية البورد المصري للأطباء
البورد المصري يُعد أحد أهم المسارات التدريبية التي تفتح أمام الأطباء آفاقًا واسعة للتخصص والتدرج العلمي. فهو يوفّر تدريبًا معتمدًا على أسس دولية، ويُعزز من قدراتهم المهنية، مما يرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة داخل المستشفيات والوحدات الطبية.
ولذلك، فإن قرار الدولة بتحمل رسوم الامتحانات يزيل عقبة كبيرة أمام الأطباء الشباب الذين يواجهون أحيانًا صعوبة في سداد هذه التكاليف، ويجعلهم أكثر إقبالًا على التسجيل في البرامج التدريبية.
انعكاسات القرار على القطاع الصحي
من المتوقع أن يسهم هذا القرار في تشجيع المزيد من الأطباء على الالتحاق بامتحانات البورد المصري، بما يرفع عدد الكوادر المؤهلة علميًا ومهنيًا. كما أنه يبعث برسالة إيجابية حول اهتمام الدولة بتحسين أوضاع الأطباء، مما يعزز من استقرار المنظومة الصحية ككل.
ويشير خبراء الصحة إلى أن الاستثمار في التدريب والتأهيل هو الطريق الأمثل لتحقيق طفرة نوعية في مستوى الخدمة الطبية، خاصة أن مصر تشهد في السنوات الأخيرة توسعًا كبيرًا في المنشآت الصحية والمستشفيات المتخصصة.
دعم شامل يتجاوز الرسوم
الجدير بالذكر أن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية يعمل منذ إنشائه على توفير حزم متنوعة من الدعم، بدءًا من صرف تعويضات للأطباء المتضررين من المخاطر المهنية، مرورًا بتقديم مزايا اجتماعية، وصولًا إلى المساهمة في تحسين بيئة العمل.
ويُنظر إلى تحمّل رسوم البورد المصري كخطوة متقدمة تفتح الباب لمزيد من المبادرات، قد تشمل مستقبلًا دعم التدريب الخارجي، أو المشاركة في تمويل برامج تعليمية دولية، بما يسهم في رفع الكفاءة التنافسية للأطباء المصريين على المستويين الإقليمي والدولي.
تأكيد على رؤية الدولة
وبحسب ما أكدته وزارة الصحة، فإن هذه المبادرة تأتي في إطار الرؤية الأوسع للدولة المصرية التي تعتبر "الاستثمار في البشر" أساسًا لتحقيق التنمية الشاملة، وأن النهوض بالقطاع الصحي لا يتحقق فقط من خلال إنشاء مبانٍ وتجهيز مستشفيات، بل يتطلب أيضًا إعداد كوادر طبية مؤهلة قادرة على قيادة هذا التحول.
ختام
بهذا القرار، تؤكد وزارة الصحة وصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية أن الطبيب المصري سيظل في قلب الاهتمام، وأن كل جهد يُبذل في دعمه هو استثمار مباشر في صحة المواطن وجودة الخدمات الصحية. فالطبيب هو خط الدفاع الأول عن المجتمع، ودعمه هو السبيل لبناء منظومة صحية قوية قادرة على مواجهة التحديات.

