في خطوة استباقية تهدف إلى تعزيز القدرة الوطنية على مواجهة أخطار السيول والأمطار الغزيرة، تابع الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، تقريرًا مفصلًا حول مدى جاهزية مخرات السيول ومنشآت الحماية المنتشرة في مختلف المحافظات، استعدادًا للموسم المقبل الذي تشير التقديرات إلى أنه قد يشهد معدلات غير مسبوقة من الأمطار نتيجة التغيرات المناخية.
وأكد الوزير أن الوزارة تعمل وفق خطة متكاملة تتضمن إجراءات طويلة المدى وأخرى موسمية، لضمان التعامل الفوري مع أي طارئ. وأوضح أن الوزارة نفذت خلال السنوات الماضية أكثر من 1648 منشأ متنوعًا للحماية من أخطار السيول، شملت سدودًا، وبحيرات صناعية، وأحواض تهدئة، ومعابر، وحواجز ترابية، وقنوات صناعية، وهي مشروعات لعبت دورًا بارزًا في حماية المواطنين والمرافق الحيوية في مناطق متفرقة، خاصة بالمحافظات الحدودية والصعيد.
وأشار الدكتور سويلم إلى أن هذه المنشآت لا تقتصر أهميتها على الحد من أخطار السيول، وإنما تسهم أيضًا في حصاد مياه الأمطار وتخزينها للاستفادة منها في المجتمعات البدوية والقرى البعيدة عن مصادر المياه التقليدية، ما يضيف بعدًا تنمويًا مهمًا لخطط الدولة في إدارة الموارد المائية.
وفيما يتعلق بالإجراءات الموسمية، أوضح الوزير أن أجهزة الوزارة تقوم بالمرور الدوري على إجمالي 119 مخر سيل بأطوال تصل إلى 336 كيلومترًا، وذلك للتأكد من تطهيرها وإزالة أي عوائق أو تعديات قد تعيق تدفق المياه. وأكد أن التعامل مع أي تعدٍ يتم بشكل فوري حفاظًا على كفاءة المخرات، مشددًا على أن أي مخالفة تمثل تهديدًا مباشرًا لأرواح المواطنين والبنية التحتية.
ولفت إلى الدور المحوري الذي يقوم به "مركز التنبؤ بالفيضان والأمطار" التابع للوزارة، حيث يتم رصد مواقع وكميات الأمطار قبل حدوثها بثلاثة أيام كاملة، وتوفير هذه المعلومات بشكل فوري للوزارات والجهات المعنية والمحافظات عبر غرفة متابعة إلكترونية وجروبات تواصل سريعة، بما يتيح اتخاذ الإجراءات الاستباقية. وتشمل هذه الإجراءات تخفيض مناسيب المياه في الترع والمصارف بالمناطق المتوقع تعرضها لهطول غزير، حتى تستوعب الشبكة المائية كميات المياه الإضافية دون إحداث أي أزمات.
وأوضح وزير الري أن الوزارة تضع في اعتبارها أن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا ملموسًا يتطلب تحديثًا دوريًا للتصميمات الهندسية الخاصة بمخرات السيول والبحيرات الصناعية. وأضاف: "شهدنا في السنوات الأخيرة تغيرًا واضحًا في مواقع وكميات سقوط الأمطار، وهو ما دفعنا لمراجعة القدرة الاستيعابية للمنشآت في عدد من المواقع وإعادة تأهيلها بما يتواكب مع التغيرات المناخية المتطرفة".
وأشار إلى أن خطط الوزارة لا تتوقف عند البنية التحتية فقط، بل تمتد لتشمل رفع جاهزية محطات الرفع ووحدات الطوارئ المنتشرة في مختلف المحافظات، لضمان سرعة التعامل مع أي ازدحامات مائية أو تراكمات مفاجئة.
ومن جانبه، أوضح المهندس أبو بكر الروبي، رئيس قطاع المياه الجوفية، الذي استعرض التقرير الأخير، أن جولة المرور التي أجراها على منشآت الحماية في شمال سيناء أظهرت جاهزية عالية لاستقبال موسم السيول المقبل، مع استكمال تطهير المخرات وصيانة البحيرات الصناعية. وأكد أن شمال سيناء تمثل إحدى المناطق ذات الأولوية لاعتبارات جغرافية وطبيعية، حيث تتعرض لمعدلات أمطار متباينة بين عام وآخر.
كما شدد الروبي على أهمية استمرار التنسيق مع المحافظات وأجهزة الحكم المحلي، خاصة في المناطق الجبلية والوديان، لضمان تكامل الجهود الحكومية في مواجهة أخطار السيول، لافتًا إلى أن هذه الجهود لا تحمي فقط الأرواح والممتلكات، وإنما تحافظ أيضًا على استمرارية الأنشطة الاقتصادية التي قد تتضرر من أي كوارث مناخية مفاجئة.
ويؤكد خبراء المياه أن مصر باتت تمتلك خبرة كبيرة في إدارة ملف السيول، خصوصًا بعد تنفيذ مشروعات ضخمة خلال العقد الأخير، ساهمت في تقليل الأضرار بشكل ملحوظ. ويشيرون إلى أن التركيز الحالي على حصاد مياه الأمطار يعد من أهم محاور الاستفادة من التغيرات المناخية، بدلًا من النظر إليها فقط كأزمات محتملة.
وفي ختام التقرير، جدد وزير الري تأكيده على أن الوزارة تضع سلامة المواطنين على رأس أولوياتها، مضيفًا أن العمل لا يتوقف طوال العام، وأن الاستعداد المبكر قبل موسم السيول هو ما يضمن نجاح خطط الحماية. ودعا جميع المواطنين إلى التعاون مع أجهزة الوزارة بعدم إقامة أي تعديات أو عوائق على مجاري السيول، لما قد تمثله من خطر جسيم على حياتهم وحياة غيرهم.
بهذا، تعكس استعدادات وزارة الموارد المائية والري رؤية شاملة للتعامل مع التحديات المناخية، عبر مزيج من الحلول الفنية والإدارية، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات، ويعزز من كفاءة إدارة الموارد المائية في مصر.

