في خطوة تعكس توجه الدولة نحو الاستثمار في العنصر البشري باعتباره الركيزة الأساسية لأي عملية تطوير، عقد الدكتور محمد الطيب، نائب وزير الصحة والسكان، اجتماعًا موسعًا مع وفد رفيع المستوى من المعهد العربي لإعداد القيادات، برئاسة الدكتورة دينا فضالي، عميد المعهد، وذلك بهدف بحث آفاق التعاون المشترك في مجال التدريب وبناء القدرات وتأهيل الكوادر الشابة لتولي مواقع قيادية داخل القطاع الصحي.
الاجتماع الذي عُقد بمقر وزارة الصحة، حضره عدد من المسؤولين من الجانبين، بينهم الدكتورة زينب الصدر مساعد نائب الوزير، والدكتورة هنادي محمد رئيس قطاع تنمية المهن الطبية، إضافة إلى الدكتورة رشا عادل مديرة المكتب الفني لنائب الوزير، والدكتورة إيمان نجم وكيل المعهد العربي، والسيدة منة سالم مدير التسويق بالمعهد. وقد شهد اللقاء نقاشًا موسعًا تناول التحديات التي تواجه عملية تطوير الكوادر البشرية، والفرص المتاحة لتعزيز كفاءتها بما يتماشى مع خطط الدولة في تحديث المنظومة الصحية.
وأكد الدكتور الطيب أن وزارة الصحة تولي اهتمامًا كبيرًا بملف التدريب والتأهيل المستمر، معتبرًا أن الكوادر البشرية المؤهلة هي الضمانة الحقيقية لاستدامة التطوير داخل القطاع الصحي. وأضاف أن الوزارة تسعى إلى خلق جيل جديد من القيادات الشابة يمتلك الأدوات العلمية والعملية اللازمة لإدارة المؤسسات الصحية بكفاءة، وهو ما يتطلب برامج تدريبية متخصصة قادرة على سد الفجوة بين الواقع الحالي والاحتياجات المستقبلية.
من جانبها، أوضحت الدكتورة دينا فضالي أن المعهد العربي لإعداد القيادات يملك خبرة طويلة في تصميم وتنفيذ برامج تدريبية تستجيب لاحتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء. وأشارت إلى أن التعاون مع وزارة الصحة سيفتح المجال أمام تصميم برامج نوعية تراعي خصوصية القطاع الصحي، بدءًا من برامج إعداد القيادات وحتى التدريب المتخصص في المجالات الطبية الحيوية والإدارية.
وتم خلال الاجتماع استعراض مجموعة من المقترحات العملية، شملت تقديم منح تدريبية جزئية للعاملين بالقطاع الصحي، وتوفير خصومات على البرامج التدريبية المتنوعة، بجانب تصميم برامج خاصة لوزارة الصحة والهيئة العامة للرعاية الصحية. كما ناقش الطرفان إمكانية إبرام بروتوكول تعاون رسمي يتضمن خطة محددة للبرامج التدريبية خلال الفترة المقبلة، بما يضمن استمرارية التعاون وتوسيع نطاقه ليشمل مجالات أخرى.
وأشار الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، إلى أن الاجتماع لم يقتصر على بحث ملف التدريب فقط، بل امتد لمناقشة ملف اعتماد المنشآت الصحية المخصصة للسياحة العلاجية، وهو ما يمثل إضافة مهمة للتعاون، حيث تسعى الوزارة إلى ضمان التزام هذه المنشآت بالمعايير الدولية، بما يعزز ثقة المرضى القادمين من الخارج ويضع مصر في موقع متقدم على خريطة السياحة العلاجية العالمية.
ولفت عبد الغفار إلى أن تطوير السياحة العلاجية يرتبط بشكل مباشر بجودة الكوادر البشرية التي تقدم الخدمة، وهو ما يجعل من برامج التدريب عنصرًا محوريًا في هذه المعادلة. وأضاف أن الوزارة ترحب بأي شراكة تسهم في رفع كفاءة المنظومة، سواء عبر مؤسسات وطنية أو إقليمية، شريطة أن تحقق الأهداف الاستراتيجية المرسومة.
الحضور من كلا الجانبين اتفقوا في ختام الاجتماع على تشكيل لجنة مشتركة تتولى متابعة خطوات التعاون وتنفيذ البرامج المقترحة، مع وضع آليات واضحة لقياس أثر هذه البرامج على أرض الواقع. وأكدوا أن نجاح أي برنامج تدريبي يقاس بمدى انعكاسه على جودة الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين.
الجدير بالذكر أن وزارة الصحة تبذل في السنوات الأخيرة جهودًا متواصلة لتعزيز قدرات العاملين لديها، سواء من خلال الدورات المحلية أو عبر شراكات مع مؤسسات دولية، وذلك في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تطوير المنظومة الصحية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وبهذا التعاون المرتقب مع المعهد العربي لإعداد القيادات، يُتوقع أن يشهد القطاع الصحي دفعة قوية نحو بناء جيل جديد من الكوادر المؤهلة، قادر على قيادة المستقبل بثقة، وإدارة الموارد بكفاءة، وتقديم خدمات صحية ترتقي لتطلعات المواطن المصري وتواكب المعايير العالمية.

