في إطار انفتاح مصر على مختلف دول العالم وسعيها إلى توسيع جسور التعاون في المجالات الفكرية والثقافية والدينية، استقبل الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، السفير الياباني بالقاهرة السيد فوميو إيواي، والوفد المرافق له، بمقر الوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة. وجاء اللقاء ليؤكد عمق العلاقات بين البلدين الصديقين، وحرصهما على تبادل الخبرات في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة التطرف، وتعزيز قيم التعايش والتسامح.
بدأ اللقاء بكلمة ترحيبية من الدكتور الأزهري، أعرب خلالها عن اعتزازه بالعلاقات المصرية اليابانية الممتدة، والتي تقوم على أسس الاحترام المتبادل والتعاون البناء. وأكد الوزير أن الحضارتين المصرية واليابانية لهما إسهامات بارزة في التاريخ الإنساني، حيث شكلتا مع غيرهما من الحضارات القديمة ركائز أساسية لنهضة الإنسانية، وهو ما يمنح التعاون بينهما بعدًا حضاريًا وثقافيًا فريدًا.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز قيم الانتماء الوطني وترسيخ مبادئ العيش المشترك، مؤكدًا أن مواجهة التطرف لا يمكن أن تقتصر على البعد الأمني فقط، بل تحتاج إلى جهد فكري وثقافي عميق. وأضاف أن رسالة الأديان السماوية قائمة على الدعوة للسلام، وتكريس مفهوم التعايش بين الشعوب، وهو ما تحرص وزارة الأوقاف على نشره عبر خطبها ومنابرها وبرامجها التوعوية.
من جانبه، أعرب السفير الياباني عن تقديره العميق لمصر حكومة وشعبًا، مشيدًا بما شهده من تطور كبير في مختلف المجالات داخل مصر، مقارنة بما رآه قبل أربعة عقود خلال زيارته الأولى. وأكد إيواي أن بلاده تتابع باهتمام الجهود المصرية في محاربة الفكر المتطرف، وتعزيز قيم الاعتدال والتدين الصحيح، مشيرًا إلى أن التجربة المصرية في هذا المجال تستحق أن تكون نموذجًا يُستفاد منه على مستوى العالم.
كما دار حوار مطول بين الوزير والسفير حول مفهوم "التدين السلوكي القيمي" في مقابل "التدين الشكلي"، حيث أوضح الدكتور الأزهري أن الدين لا يقتصر على المظاهر، وإنما يتمثل في السلوك والالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع الآخرين. وأكد أن هذا الفهم الصحيح للدين هو ما تسعى مصر لترسيخه، باعتباره الطريق الأمثل لمواجهة الأفكار المغلوطة والمتطرفة.
وتناول اللقاء سبل التعاون في مجالات التدريب وتبادل الخبرات، حيث أبدى الجانب الياباني اهتمامًا بالتعرف على التجربة المصرية في إعداد الأئمة والدعاة، خاصة في ما يتعلق بالجمع بين التأصيل العلمي والانفتاح على قضايا العصر. كما بحث الطرفان إمكانية تنظيم ندوات وورش عمل مشتركة بين الجانبين، لتعزيز الحوار بين الثقافات ونشر قيم التعايش والسلام.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن التعاون مع اليابان يمكن أن يشمل مجالات متعددة، منها التبادل الثقافي بين الجامعات والمؤسسات البحثية، وتوسيع برامج الترجمة المتبادلة للمؤلفات الفكرية والدينية، بما يسهم في تعريف كل شعب بتراث الآخر وثقافته. وأوضح أن مصر منفتحة على كل أشكال التعاون المثمر الذي يخدم الإنسانية ويعزز قيم السلام.
كما أكد السفير الياباني أن بلاده تولي أهمية خاصة للحوار بين الأديان والثقافات، وترى أن التعاون مع مصر في هذا المجال له قيمة مضاعفة، نظرًا لمكانة مصر الدينية والثقافية في المنطقة والعالم الإسلامي. وأضاف أن اليابان تتطلع إلى المزيد من التنسيق مع وزارة الأوقاف المصرية في الأنشطة التي تهدف إلى مواجهة الفكر المتطرف، باعتباره تهديدًا عالميًا يتجاوز الحدود الجغرافية.
وفي ختام اللقاء، جدد الدكتور أسامة الأزهري ترحيبه بالسفير الياباني والوفد المرافق له، مؤكدًا أن الأبواب مفتوحة أمام أي تعاون يخدم مصلحة الشعبين، ويعزز الروابط التاريخية بين البلدين. كما أشار إلى أن العلاقات المصرية اليابانية تمثل نموذجًا للتعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات عملية لتعميق هذا التعاون في المجالات الفكرية والدينية والثقافية.
بهذا اللقاء، تتجدد رسالة مصر إلى العالم بضرورة تضافر الجهود الدولية في مواجهة الفكر المتطرف، والتمسك بقيم التعايش والسلام، مع التأكيد على أن الحوار الحضاري هو الطريق الأمثل لبناء عالم أكثر أمنًا واستقرارًا.

