في إطار المشاركة المصرية الفاعلة بفعاليات الأسبوع العالمي للمياه المنعقد في العاصمة السويدية ستوكهولم، عقد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، لقاءً مهمًا مع ممثلي مجلس التجارة والاستثمار السويدي (Business Sweden)، بحضور السفير أحمد عادل سفير مصر لدى السويد، والسفير داج يولين دنفيلت سفير السويد بالقاهرة.
اللقاء جاء ليعكس اهتمام مصر المتزايد بالاستفادة من الخبرات الدولية، وخاصة التجربة السويدية في مجال التكنولوجيا الحديثة وإدارة الموارد المائية، وهو ما يتقاطع مع الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الري حاليًا لتطوير المنظومة المائية المصرية وفق أسس علمية ورقمية متطورة.
منظومة الري 2.0 ورؤية جديدة
استعرض الوزير خلال اللقاء ملامح الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية (2.0)، التي تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في إدارة المياه على مستوى الجمهورية. وأوضح أن هذه المنظومة الجديدة ترتكز على عدة محاور رئيسية، منها:
التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بعد معالجتها.
تعزيز مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية بما يضمن استدامتها.
التحول الرقمي الكامل في متابعة وتوزيع المياه.
الاعتماد على صور الأقمار الصناعية والنماذج الرياضية الحديثة لتوقع الاحتياجات المائية.
وأكد الوزير أن هذه الجهود تعكس توجه الدولة المصرية نحو الدمج بين التكنولوجيا والحوكمة الرشيدة في إدارة ملف المياه، بما يساهم في مواجهة التحديات المرتبطة بالزيادة السكانية والتغيرات المناخية وندرة الموارد.
تعاون متبادل مع الجانب السويدي
وخلال الاجتماع، عرض ممثلو مجلس التجارة والاستثمار السويدي خبراتهم في مجالات التكنولوجيا المائية والطاقة النظيفة والتحول الأخضر، مشيرين إلى أن المجلس – وهو كيان شبه حكومي قائم على شراكة بين الحكومة السويدية والقطاع الخاص – يلعب دورًا مهمًا في دعم الشركات السويدية لدخول الأسواق الجديدة، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السويد.
كما شدد ممثلو المجلس على أن السويد تمتلك خبرات متميزة في مجالات إدارة المياه ومعالجتها وإعادة تدويرها، إلى جانب تقنيات الزراعة الذكية والاعتماد على الحلول الرقمية، وهي خبرات يمكن أن تمثل قيمة مضافة للمنظومة المصرية إذا جرى نقلها وتوطينها بالشكل المناسب.
التغيرات المناخية وتحديات مشتركة
من جانبه، أكد الدكتور سويلم أن مصر تدرك حجم التحديات العالمية في ملف المياه، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية، مشيرًا إلى أن التعاون الدولي وتبادل الخبرات أصبح ضرورة ملحة لا غنى عنها. وأضاف أن مصر تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز مكانة قضايا المياه في قلب أجندة المناخ العالمية، وكان أبرزها خلال استضافة مؤتمر المناخ (COP27) بمدينة شرم الشيخ، حيث تم تخصيص "يوم للمياه" لأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ.
وأوضح الوزير أن التعاون مع السويد يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة في مجال التطبيقات الذكية، وإدارة شبكات الري، وتحقيق الاستفادة القصوى من كل قطرة ماء، خاصة أن السويد تعتبر من الدول الرائدة عالميًا في التحول الأخضر.
التكنولوجيا السويدية في خدمة المنظومة المصرية
أبدى الوزير اهتمامًا خاصًا بما طرحه ممثلو المجلس من تجارب ناجحة في إدخال التكنولوجيا المتقدمة لإدارة الموارد المائية، مؤكدًا أن الوزارة منفتحة على كل أشكال التعاون مع الشركاء الدوليين، وأن الهدف هو الوصول إلى حلول عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع داخل مصر.
وأشار أيضًا إلى أن ما يميز التجربة السويدية هو الدمج بين البعد البيئي والتنموي، بحيث لا تكون معالجة المياه مجرد هدف بيئي بحت، وإنما عنصرًا من عناصر التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة.
رؤية مستقبلية مشتركة
واتفق الطرفان على مواصلة التنسيق من أجل صياغة مبادرات ومشروعات مشتركة، يمكن أن تبدأ بدراسات فنية لتحديد الأولويات، ثم الانتقال إلى مراحل التنفيذ على الأرض. كما جرى الاتفاق على دراسة إمكانية التعاون في مجالات:
أنظمة الإنذار المبكر لمخاطر الفيضانات والجفاف.
تقنيات الزراعة باستخدام أقل كميات من المياه.
مشروعات الطاقة المتجددة المرتبطة بالموارد المائية.
وفي ختام اللقاء، شدد الوزير المصري على أن التعاون مع السويد يضيف بعدًا جديدًا للشراكات الدولية التي تسعى مصر إلى توسيعها، مشيرًا إلى أن التحديات التي تواجه ملف المياه لا تخص دولة بعينها، وإنما هي قضية إنسانية عالمية تستوجب تكاتف الجميع.

