في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع مصر والسودان، استقبل الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، نظيره السوداني الدكتور عصمت قرشي عبد الله، في لقاء رسمي تناول عدداً من القضايا الحيوية المرتبطة بمياه نهر النيل والتعاون الثنائي بين البلدين في مجالات إدارة الموارد المائية.
وخلال الاجتماع، أعرب الدكتور سويلم عن سعادته بلقاء نظيره السوداني عقب توليه مهام منصبه مؤخرًا، مؤكداً أن القاهرة حريصة على استمرار وتطوير التعاون مع الخرطوم في مختلف المجالات، وفي مقدمتها ملف المياه الذي يمثل قضية استراتيجية مشتركة. وأوضح أن مصر تنظر إلى السودان باعتباره شريكًا أساسياً في منظومة نهر النيل، مشيراً إلى أن التنسيق بين البلدين يظل أحد المرتكزات الرئيسية لضمان الاستفادة المثلى من الموارد المائية وتحقيق التنمية المستدامة للشعبين الشقيقين.
من جانبه، أكد الدكتور عصمت قرشي على متانة العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين المصري والسوداني، لافتاً إلى أن التعاون القائم بين الوزارتين يعكس حرص الجانبين على مواجهة التحديات المشتركة بروح من التفاهم والالتزام. وشدد الوزير السوداني على أهمية تفعيل آليات العمل المشترك بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين في ملف المياه والموارد الطبيعية.
وخلال اللقاء، ناقش الوزيران عدداً من الملفات المرتبطة بمياه نهر النيل، وعلى رأسها الموقف من السد الإثيوبي، حيث جدد الجانبان تمسكهما بضرورة الالتزام التام بقواعد القانون الدولي للمياه، بما يحافظ على حقوق ومصالح كل الأطراف. وتم الاتفاق على أهمية دعم المسار التفاوضي عبر مبادرة حوض النيل باعتبارها الإطار الإقليمي الجامع، والعمل على الحفاظ على آليات التشاور والتنسيق المشترك التي تتيح فرصاً لتحقيق التوافق بين جميع دول الحوض.
كما استعرض اللقاء أنشطة الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل، والتي تعد نموذجًا للتعاون العملي والفعّال بين القاهرة والخرطوم. وقد شهدت الهيئة خلال الفترة الأخيرة تنسيقًا متزايدًا، خاصة بعد تشكيل فرق فنية متخصصة من الجانبين لمتابعة أعمال القياس والتشغيل. وأكد الوزيران على أهمية استمرار هذا النهج لتعزيز الشفافية وتحقيق إدارة متوازنة للموارد المائية.
وفي هذا السياق، تم التشديد على مواصلة التنسيق والتواصل اليومي بين خبراء الجانبين في الهيئة، لمتابعة حالة النهر من الناحية الهيدرولوجية، إلى جانب التعاون في تشغيل السدود وصيانة محطات القياس ورصد نوعية المياه. وأكد الجانبان أن هذه الجهود تسهم في تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه وضمان الإدارة الرشيدة لمجرى النيل، بما يخدم أهداف التنمية في البلدين.
اللقاء لم يقتصر على الجوانب الفنية فقط، بل حمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، حيث شدد الوزيران على أن وحدة الموقف بين القاهرة والخرطوم ضرورية في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها ملف المياه إقليميًا ودوليًا. وأكد الجانبان أن استمرار التنسيق بينهما يعزز من قوة الموقف التفاوضي المشترك في أي محافل إقليمية أو دولية تتناول قضايا مياه النيل.
كما بحث اللقاء آفاق التعاون في مشروعات جديدة يمكن تنفيذها بشكل مشترك، سواء في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية أو في مجالات التدريب وبناء القدرات وتبادل الخبرات الفنية. وأكد الوزيران أن تبادل المعرفة والخبرات يسهم في رفع كفاءة الكوادر الفنية، ويدعم جهود مواجهة التحديات المتعلقة بندرة المياه وتغير المناخ.
وفي ختام اللقاء، شدد الوزيران على أن مصر والسودان يتقاسمان التاريخ والجغرافيا والمصير، وأن التعاون في مجال المياه ليس خيارًا بل ضرورة، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز استقرار المنطقة بأسرها. كما اتفقا على استمرار اللقاءات الدورية بين الجانبين لمتابعة ما يتم الاتفاق عليه، والعمل على تحويل الأفكار إلى مشروعات واقعية تخدم مصالح الشعبين.

