أجرى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، مساء الجمعة 5 سبتمبر 2025، اتصالًا هاتفيًا مع السيد ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، تناول آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة وعددًا من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
ويأتي الاتصال في إطار التحركات الدبلوماسية المكثفة التي تقوم بها مصر منذ بداية الأزمة في غزة، بهدف وقف إطلاق النار وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني.
غزة في صدارة المباحثات
ركزت المناقشات على الجهود المشتركة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، استنادًا إلى العناصر المقترحة من جانب المبعوث الأمريكي. وأكد الوزير عبد العاطي خلال الاتصال أن مصر ترى ضرورة استجابة إسرائيل لهذه المقترحات من أجل خفض التصعيد وحقن دماء المدنيين، مشددًا على أن استمرار العنف لا يخدم أي طرف، بل يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
كما أوضح الوزير أن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يمثل أولوية قصوى، خاصة في ظل التدهور غير المسبوق للأوضاع المعيشية هناك، حيث وصلت الأزمة الإنسانية إلى مرحلة المجاعة. وأكد أن استخدام سياسة التجويع كسلاح يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين.
وشدد عبد العاطي على أن القاهرة تبذل جهودًا مكثفة مع شركائها الإقليميين والدوليين لضمان تدفق المساعدات الغذائية والطبية والوقود، بما يسهم في تخفيف الأزمة وإنقاذ حياة المدنيين.
مبادرة لإعادة الإعمار
وخلال الاتصال، أطلع الوزير المصري المبعوث الأمريكي على استعدادات القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة فور الإعلان عن وقف إطلاق النار. وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن الخطة العربية – الإسلامية التي تم اعتمادها خلال القمة العربية المنعقدة في القاهرة مارس الماضي، والتي تهدف إلى تنسيق المساهمات الدولية ووضع آلية فعالة لإعادة إعمار القطاع.
وأكد عبد العاطي أن مصر تنظر إلى إعادة إعمار غزة كجزء لا يتجزأ من أي تسوية سياسية شاملة، وأن تحقيق الاستقرار الإنساني والاقتصادي سيكون ركيزة أساسية لدعم جهود السلام في المنطقة.
الملف الإيراني على الطاولة
إلى جانب التطورات في غزة، ناقش الجانبان مستجدات الملف النووي الإيراني. واستعرض الوزير عبد العاطي الاتصالات الجارية لتهيئة الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات، مؤكدًا أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لتفادي مزيد من التوترات في المنطقة.
وأشار إلى أهمية تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المعنية، بما يفتح المجال أمام تسوية مستدامة تراعي مصالح الجميع، وتساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. وأضاف أن مصر، بحكم موقعها ودورها الإقليمي، مستعدة لدعم أي جهود بناءة تستهدف إعادة الثقة وخلق بيئة داعمة للحوار.
تأكيد على الدور المصري
الاتصال الأخير بين الوزير المصري والمبعوث الأمريكي يعكس استمرار الدور النشط لمصر كوسيط أساسي في قضايا الشرق الأوسط، وخاصة الملف الفلسطيني. فالقاهرة، التي تمتلك خبرة طويلة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، تواصل العمل على حشد الجهود الدولية والإقليمية لتثبيت وقف إطلاق النار وتجنب انزلاق المنطقة إلى مزيد من الصراعات.
كما أن فتح قنوات اتصال منتظمة مع الجانب الأمريكي يمثل جزءًا من التنسيق المستمر بين القاهرة وواشنطن بشأن ملفات الشرق الأوسط، في ظل إدراك مشترك لخطورة الموقف في غزة وأهمية احتواء التوتر مع إيران.
ختام
بهذا التحرك، تؤكد مصر أنها لا تكتفي بدور المراقب، بل تبادر إلى طرح حلول عملية وتنسيق الجهود بين القوى الدولية والإقليمية، انطلاقًا من قناعتها بأن استقرار المنطقة يبدأ من معالجة الأزمات الإنسانية والسياسية في آن واحد.
ويظل الرهان على قدرة هذه التحركات الدبلوماسية في فتح نافذة أمل أمام الشعب الفلسطيني، وتجنب المنطقة مسارًا أكثر تعقيدًا، بينما تواصل القاهرة جهودها لاستضافة مؤتمر دولي من شأنه أن يشكل نقطة انطلاق نحو إعادة إعمار غزة وبناء مستقبل أكثر استقرارًا للمنطقة بأسرها.

