شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، إطلاق «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل»، في فعالية كبرى حضرتها الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وعدد من الوزراء والمسؤولين، بجانب ممثلين عن القطاع الخاص والشركاء الدوليين ومراكز الفكر والأبحاث.
الفعالية التي عُقدت في حضور وزراء المجموعة الاقتصادية، جاءت لتدشن إطارًا اقتصاديًا شاملاً يهدف إلى تحقيق التكامل بين برنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2030، مع مراعاة المتغيرات الإقليمية والدولية التي فرضت نفسها على الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة.
وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» تمثل إطارًا جامعًا يربط بين السياسات الاقتصادية المختلفة، ويضع برنامجًا عمليًا لمواصلة الإصلاحات، مع التركيز بشكل أكبر على القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعة، والزراعة، والسياحة، والطاقة، والاتصالات. وأوضحت أن هذا التوجه يواكب تطلعات الدولة المصرية في تعزيز مشاركة القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسي للنمو خلال المرحلة المقبلة.
وأشارت الوزيرة إلى أن السردية لا تُطرح كخطة منفصلة عن باقي الاستراتيجيات الوطنية، وإنما تحقق التكامل والتناسق مع ما تم إطلاقه سابقًا من برامج، مثل استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية التنمية الصناعية، وخطة تعزيز التجارة الخارجية، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للتشغيل. وأضافت أن الهدف هو صياغة رؤية موحدة تُترجم إلى مستهدفات كمية قابلة للقياس حتى عام 2030، بما يسمح بمتابعة التنفيذ وضمان تحقيق الأهداف.
تعزيز القدرة التنافسية
وأوضحت المشاط أن مصر خلال السنوات الماضية استثمرت بشكل مكثف في البنية التحتية، سواء عبر شبكات الطرق، أو محطات الكهرباء، أو الموانئ والمناطق اللوجستية، وهو ما يخلق قاعدة قوية للنهوض بالتصنيع والاستثمار. وأكدت أن المرحلة المقبلة ستشهد تعظيم الاستفادة من هذه الاستثمارات، عبر جذب مزيد من المشروعات الإنتاجية التي تُسهم في خلق فرص عمل وزيادة الصادرات.
وشددت على أن «إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد» يعد أحد الركائز الأساسية ضمن السردية الوطنية، حيث تركز الحكومة على تمكين القطاع الخاص ليكون القاطرة الرئيسية للنمو، بينما يقتصر دور الدولة على التنظيم وتوفير المناخ الداعم، خاصة فيما يتعلق بتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات.
تحديات دولية وإقليمية
وفي ظل الأوضاع العالمية الراهنة، التي تتسم باضطرابات جيوسياسية وتوترات اقتصادية ومالية، أوضحت الوزيرة أن مصر تتبنى نهجًا مرنًا في التخطيط، يتيح مراجعة الأهداف والسياسات بصفة مستمرة للتكيف مع المتغيرات. وأضافت أن التجارب الدولية أثبتت أن الاقتصادات الأكثر مرونة هي الأقدر على امتصاص الصدمات وتحويلها إلى فرص للنمو.
وأكدت أن السردية الوطنية تستند في مرجعيتها إلى أحكام قانون التخطيط العام وقانون المالية العامة الموحد، ما يمنحها بعدًا مؤسسيًا قويًا، ويضمن اتساقها مع منظومة التخطيط والموازنة متوسطة الأجل. كما أنها تتكامل مع البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي أطلقته الدولة خلال الأعوام الماضية، بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين القدرة التنافسية، ودعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
القطاع الخاص في قلب السردية
ونوهت المشاط إلى أن السردية الوطنية ليست فقط وثيقة تخطيط، وإنما أيضًا أداة ترويجية للاقتصاد المصري، تسلط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة، وتبرز الإصلاحات التي تم تنفيذها، بما يعزز من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. وأكدت أن مشاركة القطاع الخاص أمر حتمي لنجاح هذه السردية، حيث يشكل حجر الزاوية في خطط الدولة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة.
رؤية حتى 2030
ووفقًا لما عرضته الوزيرة، فإن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تضع قائمة من الإصلاحات الهيكلية محددة زمنيًا حتى عام 2030، تشمل تعظيم دور القطاعات الإنتاجية، وزيادة الصادرات، وتوسيع قاعدة التشغيل، بما يضمن تحقيق نمو يقوده القطاع الخاص ويصب في صالح تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
واختتمت المشاط بالتأكيد على أن الدولة المصرية ماضية في مسار الإصلاح والتنمية الشاملة، مستندة إلى رؤية واضحة تستفيد مما تحقق في السنوات الماضية من إنجازات في البنية التحتية، ومستمرة في تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار، بما يجعل الاقتصاد المصري أكثر قدرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.

