أجرى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، سلسلة من الاتصالات الهاتفية خلال الساعات الأخيرة مع عدد من المسؤولين الإقليميين والدوليين، تناولت تطورات الملف النووي الإيراني في ضوء الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مؤخراً بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وشملت هذه الاتصالات السيدة كايا كالاس الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، والسيد جان نويل بارو وزير خارجية فرنسا، وسمو الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية، والسيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عُمان، إضافة إلى المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة مواصلة التنسيق والتشاور مع الشركاء الإقليميين والدوليين بشأن أحد أهم الملفات المرتبطة بالأمن والاستقرار في المنطقة.
وخلال المحادثات، استعرض الوزير عبد العاطي الجهود التي قامت بها القاهرة خلال الأشهر الماضية لدعم مسار الحوار وخفض التوترات الإقليمية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن الاتفاق الموقع في القاهرة يوم 9 سبتمبر بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز الشفافية واستعادة الثقة المتبادلة بين الطرفين.
وأشار وزير الخارجية إلى أن الاتفاق يتضمن آليات عملية للتحقق من الأنشطة النووية وزيادة إجراءات الرقابة الفنية، الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تتسم بمزيد من الانفتاح بين إيران والوكالة، بما يسهم في بناء مناخ داعم للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
كما شدد عبد العاطي على أن مصر ترى في الاتفاق الأخير فرصة حقيقية لإعادة إطلاق المسار الدبلوماسي، بعد فترة من الجمود شهدتها المفاوضات بين طهران والوكالة، لافتاً إلى أن القاهرة ستواصل التواصل مع جميع الأطراف الفاعلة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق بما يحقق مصالح المجتمع الدولي ويجنب المنطقة أي مسارات للتصعيد.
وفي هذا السياق، نوه الوزير إلى أهمية أن يصاحب الاتفاق التزام سياسي واضح من جانب الأطراف المعنية بدعم الحلول السلمية والعمل على معالجة الشواغل الفنية القائمة، موضحاً أن مصر تؤمن بأن تعزيز الشفافية وبناء الثقة هما الطريق الأمثل لتقليص التوترات وإيجاد أرضية مشتركة للحوار المستدام.
وخلال اتصالاته، تبادل الوزير عبد العاطي وجهات النظر مع نظرائه بشأن تداعيات الاتفاق على الأوضاع الإقليمية، حيث أكد الجانب الأوروبي دعمه الكامل لمواصلة التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما أشاد الجانب الخليجي بالجهود المصرية في تقريب وجهات النظر واحتضان القاهرة لجولة الحوار الأخيرة. من جهته، أعرب المبعوث الأمريكي الخاص عن تقديره للدور الذي تلعبه مصر في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتهيئة الأجواء لنجاح المسارات الدبلوماسية.
ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي في إطار دور مصر المتنامي على الساحة الإقليمية والدولية، حيث تحرص القاهرة على أن تكون شريكاً فاعلاً في كل ما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالأمن الجماعي، وفي مقدمتها منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتعزيز الالتزام بمعاهدات الرقابة الدولية.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الفترة المقبلة ستشهد استمرار الاتصالات بين مصر والأطراف المعنية من أجل متابعة تنفيذ الاتفاق وبحث الخطوات المستقبلية التي تضمن الحفاظ على المسار الدبلوماسي، مشيرة إلى أن القاهرة ترى أن معالجة الملف النووي الإيراني لا تنفصل عن الجهود الأوسع لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وتهيئة بيئة داعمة للتنمية والتعاون بين دوله.
ويعكس هذا النشاط الدبلوماسي المكثف التزام مصر بسياسة خارجية متوازنة تقوم على الحوار، ورفض التصعيد، والعمل على حل النزاعات بالطرق السلمية، مع إيلاء أولوية كبرى لتعزيز الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي.

