في إطار حرص الدولة المصرية على توسيع شراكاتها الدولية بمجال الحماية الاجتماعية، عقدت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، لقاءً مع السيد عبد العزيز الملا، المدير التنفيذي لمصر بمجموعة البنك الدولي، والوفد المرافق له، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة. جاء اللقاء لبحث سبل التعاون المشترك وتطوير البرامج الاجتماعية التي تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع المصري.
رحبت وزيرة التضامن الاجتماعي بالوفد الدولي، مؤكدة على أهمية التعاون المثمر مع البنك الدولي الذي يعد من أبرز الشركاء الاستراتيجيين في تنفيذ عدد من البرامج الرائدة، وعلى رأسها برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة". وأشارت الوزيرة إلى أن مرور عشر سنوات على انطلاق البرنامج يمثل محطة مهمة، خاصة بعد أن تم تحويله إلى حق دستوري بموجب القانون رقم 12 لسنة 2025 "قانون الضمان الاجتماعي"، الذي يعزز فكرة مأسسة الدعم النقدي وضمان استمراره للأسر الأكثر استحقاقًا.
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي أن الحماية الاجتماعية أصبحت عنصرًا أساسيًا في رؤية مصر للتنمية المستدامة، لافتة إلى أن الدولة تبنت نهجًا جديدًا يقوم على الدمج بين الدعم المباشر وتمكين الأسر اقتصاديًا. وأكدت أن الوزارة تعمل منذ نحو ستة أشهر على تأسيس "المنظومة المالية الاستراتيجية للتمكين الاقتصادي"، التي تشارك فيها عدة وزارات وجهات وطنية ومؤسسات مالية، من أجل التحول من الدعم التقليدي إلى نماذج أكثر شمولية واستدامة.
وتستهدف المنظومة الجديدة، بحسب الوزيرة، تمكين المستفيدين من برامج الدعم النقدي من الانخراط في مشروعات اقتصادية وخدمات مالية متنوعة مثل منتجات الادخار والاستثمار الرقمي، وخدمات التأمين متناهي الصغر، إلى جانب دعم غير مالي يشمل التدريب والتسويق. وأضافت أن الهدف هو تحويل الدعم إلى وسيلة للاندماج الإنتاجي، وبناء قاعدة اقتصادية جديدة للأسر المستفيدة، بما يسهم في رفع مستويات المعيشة وتقليل الفجوة التنموية بين المجتمعات.
كما أشارت الوزيرة إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بالمشروعات التراثية والحرف اليدوية، من خلال تنظيم معرض "ديارنا" الذي أصبح منصة وطنية لدعم الأسر المنتجة والحرفيين. وأكدت أن العام الماضي شهد إقامة 36 معرضًا شارك فيها أكثر من 1300 عارض، فيما يجري التحضير لافتتاح معرض دائم للحرف التراثية بما يسهم في توفير فرص عمل وحماية الهوية الثقافية المصرية.
من جانبه، أثنى عبد العزيز الملا على ما حققته مصر في ملف الحماية الاجتماعية، مشيرًا إلى أن برنامج "تكافل وكرامة" أصبح نموذجًا دوليًا يُستشهد به في المحافل الدولية لما حققه من نتائج ملموسة على أرض الواقع. وأكد أن البنك الدولي يتطلع إلى استمرار التعاون مع مصر، خاصة مع توجه الدولة نحو توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وربطها بالتمكين الاقتصادي، وهو ما يتوافق مع رؤية البنك في دعم البرامج التي تحقق التنمية الشاملة.
وأوضح الملا أن البنك الدولي يعتبر مصر شريكًا محوريًا في المنطقة في مجال شبكات الأمان الاجتماعي، مشددًا على أن التجربة المصرية في تحويل الدعم النقدي إلى قانون وضمان دستوري تمثل إنجازًا بارزًا سيعود بالنفع على الملايين من المواطنين. كما أكد أن البنك سيواصل دعمه لمصر من خلال تقديم الخبرات الفنية والتمويل اللازم لتطوير البرامج الحالية واستحداث برامج جديدة تراعي الفئات الأكثر هشاشة.
اللقاء شهد أيضًا مداخلات من عدد من قيادات الوزارة، حيث قدموا استعراضًا لأحدث الخطط التي يجري تنفيذها، بما في ذلك التعاون مع مؤسسات مالية دولية لتوسيع نطاق الخدمات الموجهة للأسر المستفيدة، بالإضافة إلى ربط برامج الحماية الاجتماعية بجهود التنمية البشرية والتمكين الاقتصادي.
وفي ختام اللقاء، شدد الجانبان على أهمية تعزيز التنسيق خلال المرحلة المقبلة، والعمل على تبادل الخبرات بين مصر والبنك الدولي، بما يضمن تطوير السياسات الاجتماعية ويحقق أقصى استفادة ممكنة للأسر الأولى بالرعاية. كما اتفق الطرفان على متابعة تنفيذ المبادرات المشتركة بشكل دوري، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويدعم توجه الدولة نحو بناء مجتمع أكثر عدالة وشمولية.

