في إطار حرص الدولة المصرية على دمج البعد البيئي في مشروعاتها القومية الكبرى، عقدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، اجتماعًا موسعًا لمتابعة الترتيبات الخاصة بإبراز الجوانب البيئية خلال الحفل الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير، وذلك بحضور ممثلين عن وزارات وهيئات معنية، إلى جانب إدارة المتحف والشركة المنظمة للحدث.
الاجتماع جاء استكمالًا لسلسلة من اللقاءات التنسيقية التي تركز على ضمان أن يخرج حفل الافتتاح بصورة تليق بمكانة مصر التاريخية والحديثة، مع إبراز التزامها بتحقيق التنمية المستدامة وفق المعايير الدولية. وقد شارك في الاجتماع الدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، والسفير ياسر شعبان والسفير أيمن الدسوقي مساعدا وزير الخارجية للعلاقات الثقافية، والدكتور أحمد غنيم المدير التنفيذي للمتحف، بالإضافة إلى قيادات من وزارة البيئة وإدارة المتحف وممثلين عن الشركة المنظمة.
وخلال الاجتماع، شددت الدكتورة منال عوض على أهمية أن يتماشى تنظيم الاحتفالية مع المعايير البيئية المتعارف عليها عالميًا، مؤكدة أن مصر تسعى إلى جعل المتحف المصري الكبير نموذجًا عالميًا يجمع بين عراقة الحضارة المصرية القديمة والالتزام بالممارسات البيئية الحديثة. وأوضحت الوزيرة أن الهدف من هذه الترتيبات ليس فقط نجاح الاحتفال، وإنما توجيه رسالة للعالم تعكس توجه الدولة نحو دمج مفاهيم الاستدامة في مشروعاتها الثقافية الكبرى.
وأكدت الوزيرة أن وزارة البيئة بالتعاون مع إدارة المتحف قامت خلال الفترة الماضية بقياس الانبعاثات الكربونية الناتجة عن التشغيل التجريبي للمتحف خلال عامي 2023 و2024، وفقًا للمعايير الدولية، حيث جرى إعداد تقارير معتمدة دوليًا توضح حجم هذه الانبعاثات، وهو ما يمثل خطوة مهمة في مسار الوصول إلى الحياد الكربوني. كما لفتت إلى أن الوزارة بدأت بالفعل في إجراءات إصدار شهادات كربون لفترة التشغيل التجريبي، وهو ما يعكس جدية الدولة في هذا الملف.
وخلال النقاش، استعرضت الجهات الفنية مفهوم الحياد الكربوني وآليات تطبيقه داخل المتحف، والتي تشمل الاعتماد على الطاقة النظيفة مثل الخلايا الشمسية، وتوسيع المساحات الخضراء داخل الموقع، واستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة لنقل الزوار، بجانب أنظمة لترشيد استهلاك المياه والطاقة. كما جرى استعراض خطة خاصة للترويج الدولي لهذه الجهود عبر وزارة الخارجية، من خلال البعثات الدبلوماسية المصرية حول العالم، لإبراز تجربة مصر في دمج البعد البيئي بالمشروعات الثقافية.
كما طالبت الدكتورة منال عوض بضرورة تضمين كافة هذه الجهود البيئية على الموقع الإلكتروني للمتحف، ليكون منصة تعريفية تقدم للعالم صورة متكاملة عن الجمع بين الحفاظ على التراث الثقافي وتبني الممارسات البيئية المستدامة. وأكدت على تشكيل لجنة مختصة لمتابعة خطة خفض الانبعاثات الكربونية وضمان استمرارية تطبيقها في السنوات القادمة، بما يحقق الاستدامة في تشغيل المتحف.
جدير بالذكر أن الوزيرة كانت قد عقدت اجتماعًا سابقًا مع المدير التنفيذي للمتحف المصري الكبير لمراجعة التقارير الأولية الخاصة بحصر الانبعاثات الكربونية خلال فترة التشغيل التجريبي، حيث تم الاتفاق على إعداد تقارير دورية للبصمة الكربونية خلال حفل الافتتاح وفترة التشغيل عام 2025. كما جرى التأكيد على التوسع في استخدام الحلول المستدامة مثل النقل الأخضر وأنظمة الطاقة الشمسية، بما يجعل المتحف أول صرح ثقافي في مصر يسير بخطوات عملية نحو تحقيق الحياد الكربوني.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها نقلة نوعية في ربط الثقافة بالاستدامة، خاصة أن المتحف المصري الكبير يعد من أضخم المتاحف في العالم المخصصة لعرض الحضارة المصرية القديمة. فدمج البعد البيئي في مشروع بهذا الحجم يضع مصر في موقع متقدم ضمن الدول التي تلتزم بمستقبل مستدام، ويعزز من مكانة المتحف كأيقونة ثقافية وبيئية في آن واحد.
ومن المتوقع أن يحظى حفل افتتاح المتحف المصري الكبير بتغطية إعلامية واسعة على المستويين المحلي والدولي، حيث تعمل الحكومة المصرية بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والسياحة على الترويج للحدث عالميًا، ليس فقط باعتباره افتتاحًا لأحد أكبر الصروح الثقافية، وإنما كحدث يعكس رؤية الدولة الجديدة في التعامل مع ملف الاستدامة البيئية.

