في خطوة جديدة تعكس توجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من خبرات أبنائها بالخارج، أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية عن إطلاق منصة وطنية للكشف والتطبيب عن بُعد، تهدف إلى ربط الكفاءات الطبية المصرية المهاجرة بالمنظومة الصحية داخل البلاد، بما يعزز من جودة الخدمة ويواكب التحولات العالمية في مجالات الطب الرقمي.
جاء ذلك خلال لقاء جمع الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، بالفنان هاني سلامة، الذي تم الإعلان عن اختياره سفيرًا للمنصة الوطنية، تقديرًا لمبادرته السابقة في دعم حصر وبناء قواعد بيانات للأطباء المصريين بالخارج بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والهجرة.
وقال الدكتور أحمد السبكي إن المنصة تمثل نقلة نوعية في أسلوب تقديم الرعاية الصحية داخل مصر، مشيرًا إلى أنها ستتيح للمواطنين في مختلف المحافظات فرصة الحصول على استشارات طبية متخصصة من كبار الأطباء المصريين العاملين بالخارج، عبر تقنيات الاتصال الحديثة ومن خلال مستشفيات الهيئة المنتشرة في محافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل.
وأضاف أن المبادرة تأتي ضمن استراتيجية أوسع تستهدف استقطاب العقول المهاجرة وربطها بالمشروعات الوطنية، موضحًا أن البنية التكنولوجية للهيئة مؤهلة تمامًا لاحتضان مثل هذه المشروعات، بما يضمن التنفيذ الفعّال وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع. وأكد أن هناك تنسيقًا مستمرًا مع الوزارات والجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارات الخارجية والهجرة والاتصالات، لتذليل أي عقبات وضمان الاستفادة القصوى من المشروع.
وأوضح السبكي أن اختيار الفنان هاني سلامة ليكون سفيرًا للمنصة جاء ليؤكد على أهمية الشراكة المجتمعية ودور القوى الناعمة في دعم المبادرات الوطنية، مشيدًا بجهوده التطوعية في دعم الفكرة منذ بدايتها. وقال إن تواجد شخصية عامة تحظى بقبول جماهيري مثل سلامة من شأنه أن يعزز ثقة المواطنين بالمشروع، ويمنحه بعدًا مجتمعيًا يتجاوز الإطار الصحي إلى رسالة وطنية تعكس التكامل بين الفن والطب في خدمة قضايا المجتمع.
من جانبه، أعرب الفنان هاني سلامة عن سعادته بالمشاركة في المبادرة، مؤكدًا أن العقول المصرية التي أثبتت كفاءتها في كبريات المؤسسات الطبية العالمية حان الوقت لأن تكون خبراتها في خدمة المواطن المصري. وأضاف: "المنصة ستكون بمثابة جسر يربط أطبائنا بالخارج بأهلهم في الداخل، ويجعل الوصول إلى خبراتهم أمرًا متاحًا وسهلًا وكرامًا لكل مواطن."
وأشار سلامة إلى أن المشروع يعكس رؤية الدولة في تحويل التحديات إلى فرص، حيث أن هجرة الكفاءات لم تعد فقدًا بل أصبحت رصيدًا يمكن الاستفادة منه عبر أدوات التكنولوجيا الحديثة، مشددًا على أن المبادرة ستكرّس قيم الانتماء والعطاء المتبادل بين الطبيب والمريض مهما تباعدت المسافات.
وخلال اللقاء، استعرض مسؤولو الهيئة ملامح خطة التنفيذ، والتي تتضمن التعاون مع السفارات المصرية بالخارج للتواصل مع الأطباء الراغبين في المشاركة، فضلًا عن إنشاء قاعدة بيانات دقيقة تشمل تخصصاتهم وخبراتهم. كما سيتم توفير بنية تحتية تقنية داخل المستشفيات تضمن جودة الاتصال وسرعة تبادل المعلومات الطبية بصورة آمنة وموثوقة.
وأكدت الهيئة أن المشروع لن يتوقف عند تقديم الاستشارات الطبية فقط، بل سيمتد ليشمل نقل الخبرات من خلال ورش تدريبية افتراضية للأطباء الشباب داخل مصر، ما يسهم في رفع كفاءتهم وتوسيع دائرة الاستفادة من الخبرات المصرية بالخارج.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن هذه الخطوة تأتي كجزء من توجه أشمل نحو التحول الرقمي في القطاع الصحي، وأنها تمثل نموذجًا للتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والفن والإعلام لدعم المبادرات الوطنية، بهدف الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري.

