أعلنت وزارة النقل عن بدء المرحلة الثانية من البرنامج التدريبي المجاني لتأهيل سائقي الحافلات والنقل الثقيل، وذلك في إطار المبادرة الوطنية "سائق واعٍ.. لطريق آمن"، التي تنفذها الوزارة عبر الشركة القابضة للنقل البحري والبري. وتأتي هذه الخطوة استكمالًا للمرحلة الأولى التي لاقت نجاحًا واسعًا وأسفرت عن تخريج أكثر من 100 سائق من حملة الرخصة المهنية درجة أولى، حيث حصلوا على شهادات معتمدة تؤهلهم للعمل باحترافية أكبر داخل الشركات التابعة للوزارة.
وأكدت وزارة النقل أن المبادرة تمثل أحد المحاور الرئيسية في خطتها الاستراتيجية للارتقاء بالعنصر البشري داخل قطاع النقل البري، بما يعزز معايير السلامة المرورية ويحمي الأرواح والممتلكات. وأوضحت أن المرحلة الثانية تستهدف السائقين الحاصلين على الرخصة المهنية درجة ثانية، في خطوة تعكس التوسع التدريجي في شمول الفئات المختلفة من العاملين في مجال القيادة المهنية.
وتقوم فكرة البرنامج التدريبي على الدمج بين الجانب النظري والعملي، حيث يخضع المشاركون لدورة مكثفة تمتد على مدار يومين متتاليين. وتشمل الدورة محاضرات متخصصة في الصيانة الوقائية للمركبات، والتعامل مع الأعطال الميكانيكية والدوائر الكهربائية، بالإضافة إلى جلسات حول قواعد المرور والإشارات المرورية وكيفية تطبيقها بشكل سليم. كما يتلقى السائقون تدريبات عملية على مهارات القيادة الآمنة والاحترافية تحت إشراف خبراء من الإدارة العامة للمرور ومدربين معتمدين.
ولم يقتصر البرنامج على الجوانب الفنية فحسب، بل امتد ليشمل محاضرات عن الصحة النفسية والسلوكية، لمساعدة السائقين في التعامل مع الضغوط المهنية المرتبطة بطبيعة عملهم، بما يسهم في رفع كفاءتهم وتحسين مستوى أدائهم على الطرق.
ومن المقرر أن يحصل المتدربون الذين يجتازون الاختبارات النهائية على شهادات معتمدة، تتيح لهم فرص عمل أفضل داخل الشركات التابعة لوزارة النقل، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام السائقين ويزيد من قدرتهم على المنافسة في سوق العمل.
وأشار بيان الوزارة إلى أن المبادرة الوطنية "سائق واعٍ.. لطريق آمن" لا تُعد مجرد برنامج تدريبي قصير المدى، بل تأتي ضمن رؤية شاملة تهدف إلى بناء جيل جديد من السائقين يتمتع بالوعي والمسؤولية والانضباط. وتعد هذه الرؤية جزءًا من خطة الوزارة لتقليل نسب الحوادث المرورية الناتجة عن العنصر البشري، حيث تشير الدراسات إلى أن السلوكيات الخاطئة للسائقين تمثل أحد الأسباب الرئيسية للحوادث على الطرق.
كما أوضحت الشركة القابضة للنقل البحري والبري أنه يجري حاليًا العمل على التوسع في المبادرة لتشمل فئات أوسع من السائقين، مع بحث آليات التعاون مع النقابات والجهات التابعة للدولة لتعميم الاستفادة. وأكدت أن هناك خطة مستقبلية لإنشاء مركز تدريبي متطور بمدينة العاشر من رمضان، يختص بتأهيل السائقين على أحدث الأساليب التدريبية المعتمدة دوليًا.
وتسعى وزارة النقل من خلال هذه المبادرة إلى إرساء ثقافة القيادة الآمنة بين السائقين المحترفين، بما يتماشى مع جهود الدولة في تطوير منظومة النقل البري وتحقيق أعلى معدلات الأمان على الطرق السريعة والمحاور الجديدة. كما تعكس هذه الخطوة التوجه نحو الاستثمار في رأس المال البشري كأحد أهم عناصر نجاح خطط التنمية المستدامة.
وتعد مبادرة "سائق واعٍ.. لطريق آمن" نموذجًا يحتذى به في مجال التدريب المجتمعي المجاني، حيث لا تقتصر فوائدها على السائقين أنفسهم، بل تمتد لتشمل المجتمع بأكمله من خلال تقليل الحوادث وتحسين جودة خدمات النقل البري.

