في إطار المشاركة المصرية النشطة على الساحة الدولية، عقد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، لقاءً في نيويورك مع السيدة كومفورت إيرو، رئيسة مجموعة الأزمات الدولية، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
شهد اللقاء نقاشًا معمقًا حول أبرز التطورات الإقليمية، حيث استعرض الوزير عبد العاطي الموقف المصري تجاه الأزمات الراهنة في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن مصر تضع دائمًا في مقدمة أولوياتها الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحماية مصالح الشعوب، خاصة في ظل ما تمر به المنطقة من تحديات متصاعدة.
وفيما يتعلق بالوضع في غزة، شدد وزير الخارجية على أن مصر تبذل أقصى جهودها الدبلوماسية لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وتهيئة الظروف لإدخال المساعدات الإنسانية دون أي معوقات، وبالكميات الكافية لتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب الفلسطيني. وأوضح أن القاهرة تتحرك مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية من أجل ضمان حماية المدنيين، ومنع استهداف المنشآت المدنية، ورفض أي محاولات لفرض التهجير القسري على الفلسطينيين، مؤكدًا في الوقت نفسه على أولوية التوصل إلى حل سياسي شامل يقوم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما تطرق الوزير إلى الجهود التي تقودها مصر للتحضير لمؤتمر دولي يهدف إلى التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مشيرًا إلى أن هذا التحرك يأتي استكمالًا لدور مصر التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني على المستويات كافة.
وبشأن التطورات المرتبطة بالملف النووي الإيراني، أشار عبد العاطي إلى الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه في القاهرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في التاسع من سبتمبر الجاري، معتبرًا أن هذا الاتفاق يمثل خطوة إيجابية على طريق استعادة الثقة، ويفتح المجال أمام مسار دبلوماسي يمكن أن يسهم في خفض التوترات. وأضاف أن مصر ترى أن الحوار والتهدئة هما السبيل الأمثل للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي، بعيدًا عن أي تصعيد قد يزيد من تعقيد الأوضاع.
أما عن الأزمة السودانية، فقد أكد وزير الخارجية أن مصر تتابع بقلق بالغ ما يمر به السودان من تحديات، موضحًا أن القاهرة تواصل العمل لدعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار، والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تحفظ وحدة وسيادة السودان ومؤسساته الوطنية، وتلبي تطلعات شعبه. كما شدد على أهمية تحسين الأوضاع الإنسانية، ودعم العودة الطوعية للنازحين، وتوفير مقومات إعادة الإعمار بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية في مختلف المناطق السودانية.
من جانبها، أعربت رئيسة مجموعة الأزمات الدولية عن تقديرها للدور المصري الفاعل في التعامل مع مختلف ملفات المنطقة، مؤكدة أن المجتمع الدولي ينظر إلى القاهرة باعتبارها طرفًا محوريًا قادرًا على المساهمة في إيجاد حلول مستدامة للأزمات. وأشارت إلى أهمية استمرار التنسيق بين الجانبين في المرحلة المقبلة، بما يعزز فرص تحقيق التهدئة والاستقرار.
اللقاء عكس بوضوح الرؤية المصرية القائمة على شمولية التعاطي مع القضايا الإقليمية، عبر الجمع بين المسارات السياسية والإنسانية والتنموية، وهو ما يجعل مصر لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاوزه عند بحث أي من ملفات المنطقة. ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه الشرق الأوسط، سواء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو بتطورات الأوضاع في السودان والملف النووي الإيراني.
وبذلك، يواصل وزير الخارجية تحركاته المكثفة في نيويورك، مستثمرًا انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لتأكيد ثوابت السياسة المصرية، والدفاع عن قضايا المنطقة في المحافل الدولية.
