في إطار مشاركته في اجتماعات رفيعة المستوى بنيويورك، عقد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، لقاءً مع السفيرة ماري أنطوانيت، المديرة التنفيذية للآلية الأفريقية لمراجعة النظراء، وذلك يوم الأحد الموافق ٢١ سبتمبر ٢٠٢٥، حيث جرى استعراض أوجه التعاون القائم بين مصر والآلية وسبل تطويره خلال المرحلة المقبلة.
شهد اللقاء تأكيد الوزير عبد العاطي على المكانة الخاصة التي توليها مصر للآلية باعتبارها واحدة من أبرز أدوات الاتحاد الأفريقي في دعم مبادئ الحوكمة الرشيدة ومتابعة جهود الإصلاح المؤسسي داخل الدول الأعضاء. وأشاد الوزير بالخطوات التطويرية التي شهدتها الآلية خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن التعاون المصري معها لم يكن مجرد إطار شكلي، وإنما اتسم بالجدية والالتزام، وهو ما انعكس في عملية المراجعة التي أجريت عام ٢٠٢٠ وما تبعها من تنفيذ عملي للتوصيات الصادرة عنها.
وأوضح الوزير أن مصر تنظر إلى الآلية كمنصة داعمة لمسيرة التنمية الوطنية، حيث ساهمت المخرجات السابقة في تعزيز برامج تمكين المرأة والشباب، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للفئات الأكثر احتياجاً، بالإضافة إلى إتاحة مساحة أكبر لمشاركة منظمات المجتمع المدني في صياغة سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولفت إلى أن هذه التجربة كانت دافعاً لتقديم مصر تقرير التقدم الوطني أمام منتدى الآلية خلال السنوات الماضية، بما يعكس الالتزام بمبدأ الشفافية في متابعة مؤشرات الأداء الداخلي.
وفي سياق متصل، عبّر عبد العاطي عن تطلع القاهرة إلى البدء في عملية المراجعة المستهدفة بمجال الإصلاح الإداري بالتنسيق مع سكرتارية الآلية، موضحاً أن هذا الملف يحظى باهتمام خاص في ضوء الأولوية التي توليها الدولة المصرية لتطوير الجهاز الإداري ورفع كفاءته. كما أكد على أن مصر ستواصل الانخراط بشكل إيجابي في مشروعات الآلية ومبادراتها، ليس فقط عبر تبادل الخبرات، ولكن أيضاً من خلال تقديم مقترحات مشتركة للتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وتطرق الوزير إلى خبرة مصر الطويلة في دعم الدول الأفريقية في مجالات بناء المؤسسات الوطنية وتدريب الكوادر، مشيراً إلى أن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ومركز القاهرة الدولي لحل النزاعات وحفظ وبناء السلام يشكلان نموذجين بارزين لدور مصر في هذا المضمار. وأعرب عن استعداد بلاده لاستكشاف فرص للتعاون مع الآلية عبر هذين الكيانين وغيرهما من المؤسسات الوطنية. كما وجّه دعوة لمشاركة الآلية في النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة، باعتباره منصة قارية للحوار وتبادل الرؤى حول قضايا الأمن والتنمية.
وفيما يخص الإصلاح المؤسسي داخل أجهزة الاتحاد الأفريقي، شدد وزير الخارجية على ضرورة أن تسترشد الآلية بالخطوات الجارية في هذا الملف، خاصة مع قرب انعقاد القمة الاستثنائية للإصلاح المؤسسي في نوفمبر ٢٠٢٥. كما أشار إلى أهمية التنسيق مع مفوضية الاتحاد فيما يتعلق بخطة إعادة الهيكلة المقترحة، مؤكداً أن هذا المسار يمثل فرصة حقيقية لتعزيز كفاءة العمل الأفريقي المشترك.
كما أولى الوزير اهتماماً خاصاً بملف التمويل، مشدداً على ضرورة أن تتبنى سكرتارية الآلية سياسات أكثر صرامة في حوكمة الموارد المالية، بما يقلل من الاعتماد المتزايد على الشركاء الدوليين في تمويل أنشطة وبرامج الآلية، ويضمن في الوقت ذاته الاستدامة المالية على المدى الطويل.
من جانبها، ثمّنت السفيرة ماري أنطوانيت الدور المصري الداعم للآلية، وأشارت إلى أن القاهرة تعد شريكاً أساسياً في مختلف المبادرات القارية، مؤكدة تطلعها إلى مواصلة هذا التعاون وتوسيعه ليشمل مجالات جديدة تخدم أجندة التنمية الأفريقية.
بهذا اللقاء، تكون مصر قد جدّدت التزامها الراسخ بالعمل داخل مؤسسات الاتحاد الأفريقي وتعزيز أدوارها، بما ينسجم مع أولوياتها الوطنية والإقليمية، ويؤكد مكانتها كفاعل رئيسي في دعم مسيرة التكامل الأفريقي على المستويات السياسية والتنموية والمؤسسية.

