على هامش اجتماعات الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، يوم الأحد 21 سبتمبر 2025، بالسيد جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
اللقاء جاء في توقيت بالغ الحساسية على المستويين العربي والإقليمي، حيث يشهد الشرق الأوسط تصاعداً للتوترات السياسية والأمنية، وهو ما جعل النقاش بين الجانبين يتركز على قضايا الأمن القومي العربي، وتنسيق المواقف في مواجهة التحديات المشتركة.
في مستهل اللقاء، ثمّن الوزير عبد العاطي الدور المحوري الذي يضطلع به مجلس التعاون الخليجي في دعم العمل العربي المشترك، مشيراً إلى ما وصفه بـ "الطفرة المؤسسية" في العلاقات المصرية – الخليجية خلال السنوات الأخيرة. وأكد أن توقيع مذكرة التفاهم حول التشاور السياسي في فبراير 2022، وما تلاها من اعتماد خطة العمل المشترك 2024–2028 بالرياض، شكل إطاراً متكاملاً للتنسيق بين مصر والمجلس في مختلف الملفات.
وشدد الوزير على أهمية آلية التشاور السياسي التي تجمع القاهرة والأمانة العامة لمجلس التعاون، خاصة مع تعدد الأزمات التي تواجه المنطقة. ولفت إلى أن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للعالم العربي، مؤكداً ضرورة تكثيف الجهود لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، والتصدي لمحاولات فرض حلول أحادية. كما تناول اللقاء التطورات في الساحة السورية والأوضاع المعقدة في لبنان واليمن والسودان، إلى جانب ما يرتبط بالملف النووي الإيراني من تداعيات على الأمن الإقليمي.
ومن الجانب الاقتصادي، أولى اللقاء مساحة مهمة لبحث آفاق التعاون بين مصر ودول الخليج. وأكد الوزير عبد العاطي أن التحضيرات جارية لعقد المنتدى الأول للتجارة والاستثمار المصري – الخليجي بمشاركة حكومية وخاصة واسعة، معتبراً أن المنتدى سيمثل "محطة جديدة لنقلة نوعية في مسيرة التكامل الاقتصادي العربي". وأضاف أن مصر تتطلع إلى تعزيز الشراكات الاستثمارية في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها الطاقة والبنية التحتية والصناعات التحويلية والقطاع العقاري.
كما جدد وزير الخارجية التأكيد على الموقف المصري الثابت تجاه أمن الخليج، مشدداً على أن أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وفي هذا السياق، أدان بأشد العبارات الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد دولة قطر الشقيقة، معتبراً أن مثل هذه الأفعال تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي ومبدأ احترام سيادة الدول.
من جانبه، أبدى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي تقديره لمواقف مصر التاريخية الداعمة لأمن واستقرار الخليج، مشيراً إلى أن المجلس يولي أهمية خاصة لتطوير العلاقات مع القاهرة باعتبارها ركناً أساسياً في منظومة الأمن العربي. كما أعرب عن تطلعه لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية بين الجانبين بما يعود بالنفع المباشر على شعوب المنطقة.
اللقاء اختتم بالتأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور الدوري بين القاهرة والأمانة العامة لمجلس التعاون، على المستويين السياسي والاقتصادي، بما يعزز التضامن العربي ويدعم القضايا المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وأوضح الجانبان أن المرحلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للأنشطة المشتركة سواء من خلال المنتديات الاقتصادية، أو عبر آليات الحوار السياسي، بما يضمن استجابة أكثر فاعلية للتحديات الراهنة.
بهذا اللقاء، تكون مصر قد أعادت التأكيد على ثوابتها في دعم وحدة الصف العربي، وتعزيز شراكاتها مع مجلس التعاون الخليجي كإطار مؤسسي وازن في المعادلة الإقليمية، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى أعلى درجات التنسيق لمواجهة الأزمات المتعددة التي تشهدها.

