في إطار مشاركته باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، عقد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، لقاءً موسعًا مع السيدة سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، حيث جرى استعراض سبل تطوير التعاون بين مصر والمنظمة الأممية، خاصة في الملفات المرتبطة بالأمن الغذائي وتداعيات الأزمات الدولية على إمدادات الغذاء.
استهل الوزير اللقاء بالتأكيد على تقدير مصر البالغ للشراكة الممتدة مع برنامج الغذاء العالمي، باعتباره أحد أهم المؤسسات الدولية العاملة في دعم الأمن الغذائي والإغاثة الإنسانية. وأوضح أن مصر، في ظل الظروف العالمية الحالية، تمنح أولوية قصوى لبناء منظومة متكاملة للأمن الغذائي، ليس فقط على المستوى الوطني ولكن أيضًا إقليميًا ودوليًا، مستعرضًا جهود الدولة في هذا المجال ضمن "رؤية مصر 2030".
ولفت عبد العاطي إلى أن الحكومة المصرية تعمل على تطوير مبادرات ومشروعات استراتيجية تهدف إلى تعزيز القدرة على مواجهة نقص الغذاء وخفض معدلات الجوع، خاصة للفئات الأكثر احتياجًا. كما شدد على التزام مصر بمخرجات قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية التي انعقدت عام 2021، مشيرًا إلى أن مصر، رغم استضافتها لنحو 10 ملايين أجنبي، لا تزال تبذل جهودًا استثنائية لضمان وصول الغذاء والخدمات الأساسية للجميع، وهو ما يستلزم دعماً دولياً أكبر لمساندة هذه الجهود.
وخلال اللقاء، طرح الوزير المصري فكرة إنشاء مركز عالمي لتخزين وتوريد وتجارة الحبوب على الأراضي المصرية، ليكون بمثابة منصة استراتيجية تساهم في تأمين الإمدادات الغذائية لدول المنطقة وتخفيف آثار اضطراب الأسواق العالمية. وأكد أن مصر بما تمتلكه من موقع جغرافي فريد وبنية تحتية قوية في قطاع الموانئ والنقل والتخزين، مؤهلة لأن تصبح محورًا رئيسيًا لضمان استقرار سلاسل الغذاء والإمداد في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من جانبها، رحبت المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي بمقترح الوزير عبد العاطي، مشيدة بالخطوات التي اتخذتها مصر لتعزيز الأمن الغذائي محليًا وإقليميًا، ومؤكدة حرص المنظمة على مواصلة دعم مصر في تنفيذ مشروعاتها التنموية، خاصة في قطاعات الزراعة المستدامة، وسلاسل القيمة الغذائية، والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
وتناول اللقاء كذلك الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، حيث شدد وزير الخارجية على إدانة مصر الكاملة للاعتداءات التي يتعرض لها موظفو برنامج الغذاء العالمي أثناء أداء مهامهم الإنسانية في قطاع غزة. وأشاد بالجهود التي يبذلها البرنامج لإيصال المساعدات، والدعوات المتكررة التي أطلقها لوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة المدنيين.
وأكد عبد العاطي أن مصر تواصل العمل بشكل مكثف لتسهيل دخول المساعدات عبر معبر رفح، مشيرًا إلى أن كميات كبيرة من المواد الغذائية متوافرة بالفعل على الجانب المصري ويمكنها إنهاء حالة المجاعة إذا سمح الاحتلال الإسرائيلي بدخولها. وشدد على أن استخدام التجويع كوسيلة للحرب يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويمثل جريمة ضد الإنسانية، داعيًا المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته والضغط على إسرائيل لوقف هذه الممارسات.
كما استعرض الوزير الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار، مؤكداً تطلع مصر إلى مشاركة فاعلة من برنامج الغذاء العالمي في هذا الحدث، بما يسهم في وضع خطة شاملة لإعادة تأهيل البنية التحتية وضمان توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني.
وفي ختام اللقاء، جدد الوزير عبد العاطي حرص مصر على تعزيز قنوات التشاور والتعاون مع برنامج الغذاء العالمي في مختلف المجالات، مؤكدًا أن مصر تنظر إلى الأمن الغذائي باعتباره قضية استراتيجية تمس الأمن القومي العربي والإقليمي، وأن العمل مع الشركاء الدوليين هو السبيل لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.

