على هامش مشاركته في أعمال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، يوم الأحد 21 سبتمبر، بالسيد توم فليتشر وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ (OCHA)، في لقاء ناقش بشكل موسع آخر التطورات الإنسانية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة الوضع المأساوي في قطاع غزة.
في مستهل اللقاء، جدد وزير الخارجية تأكيد دعم مصر الكامل لأنشطة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، باعتباره أحد أبرز آليات العمل الدولي لمواجهة الأزمات المعقدة والصراعات الممتدة. وأشاد عبد العاطي بالتصريحات المتوازنة الصادرة عن المكتب بشأن ضرورة حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورفض السياسات التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية. كما شدد على أهمية مواصلة المكتب دوره في رصد الانتهاكات وتوثيقها بشكل دقيق، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، باعتبارها خطوة جوهرية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وخلال حديثه، توقف الوزير أمام الخسائر الجسيمة التي لحقت بالعاملين في المجال الإنساني خلال العام الماضي، حيث قدم التعازي في مقتل 377 من الموظفين والعاملين، غالبيتهم في قطاع غزة عام 2024، معتبرًا أن استهداف الكوادر الإنسانية والأممية يمثل جريمة لا يمكن تجاهلها، ويجب أن تُقابل بمساءلة دولية جادة.
كما أكد عبد العاطي على موقف مصر الثابت بشأن ضرورة استئناف جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار في غزة بشكل عاجل، مشيرًا إلى أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية والهجوم البري الواسع يفاقم الكارثة الإنسانية، ويدفع بالأوضاع نحو الانفجار. وأوضح أن مصر، رغم التحديات، واصلت دورها في تقديم الدعم المباشر للفلسطينيين، حيث قدمت وحدها ما يقرب من 70% من إجمالي المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع، وذلك بالرغم من العراقيل الإسرائيلية المتكررة.
وشدد الوزير على أن مصر ترفض بشكل قاطع السياسات التي تستهدف استخدام التجويع والإبادة كسلاح للحرب أو الدفع نحو مخططات التهجير القسري، مؤكداً أن هذه التحركات لن تجد قبولاً إقليميًا أو دوليًا، وأن مصر ستظل متمسكة بدورها في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها حق الحياة الكريمة.
وتناول اللقاء أيضًا الاستعدادات الجارية لاستضافة مصر للمؤتمر الدولي الخاص بـ "التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة"، والذي من المقرر عقده فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأعرب الوزير عن تطلعه لمشاركة فاعلة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في أعمال المؤتمر، بما يعزز الجهود المشتركة للتخفيف من المعاناة الفلسطينية ويضع خطة متكاملة لمرحلة ما بعد الحرب.
كما أكد عبد العاطي على الاهتمام المصري بتعزيز حضور المكتب الأممي في القاهرة، في ضوء التطورات المتلاحقة التي يشهدها الإقليم، سواء في غزة أو في السودان، بما يسهم في تحسين قدرة المجتمع الدولي على التفاعل السريع مع الأزمات الإنسانية في المنطقة.
من جانبه، أعرب توم فليتشر عن تقديره البالغ للجهود المصرية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، مثمنًا الدور الذي تضطلع به القاهرة كدولة محورية في دعم الاستقرار الإقليمي. وأكد فليتشر أن التعاون مع مصر يمثل عنصرًا أساسيًا في نجاح الجهود الإنسانية للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، معربًا عن حرصه على تكثيف التنسيق مع الجانب المصري خلال الفترة المقبلة لتخفيف معاناة الشعوب المتضررة من النزاعات.
وشدد وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية على أن ما تقوم به مصر من تسهيلات لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يعد نموذجًا عمليًا للتضامن الإقليمي، ويؤكد أهمية الشراكة بين الأمم المتحدة والدول العربية لمواجهة التحديات المتزايدة. كما نوه بالدور المصري في فتح قنوات الحوار وتشجيع الحلول السياسية، وهو ما ينعكس إيجابًا على جهود الإغاثة وحماية المدنيين.
واختُتم اللقاء بتأكيد الجانبين على مواصلة التشاور والتنسيق، سواء على المستوى الثنائي أو داخل أروقة الأمم المتحدة، بما يعزز الجهود الإنسانية ويضمن حماية المدنيين في مناطق النزاعات، خاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

