على هامش أعمال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين المنعقدة بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، التقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالسيدة أمينة محمد، نائبة السكرتير العام للأمم المتحدة، في جلسة عمل تناولت عدداً من الملفات المشتركة التي تجمع مصر بالأمم المتحدة في مختلف المجالات.
وخلال اللقاء، أكد الوزير عبد العاطي أن مصر تولي أهمية خاصة لتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها المتعددة، باعتبارها شريكاً رئيسياً في دعم جهود التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. وأوضح أن القاهرة تستضيف العديد من المكاتب الإقليمية والقطرية التابعة للمنظمات الأممية، والتي تعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة المصرية في تنفيذ برامج إنسانية وتنموية، ما يجعل مصر واحدة من أهم المراكز الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لعمل المنظومة الدولية.
وأشار وزير الخارجية إلى أن التطورات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي تتطلب المزيد من التنسيق بين الدول الأعضاء والأمانة العامة للأمم المتحدة، مع التشديد على ضرورة التمسك بالقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة كمرجعية أساسية في التعامل مع الأزمات والنزاعات القائمة. وفي هذا السياق، لفت عبد العاطي إلى التداعيات الإنسانية والسياسية الخطيرة الناتجة عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يخلفه من معاناة إنسانية واسعة، مؤكداً موقف مصر الثابت في ضرورة وقف الاعتداءات وحماية المدنيين وتقديم الدعم اللازم لهم.
كما استعرض الوزير الجهود الوطنية التي تبذلها الدولة المصرية في التعامل مع ملف اللاجئين والمهاجرين، موضحاً أن مصر تستضيف حالياً أكثر من 10 ملايين أجنبي من جنسيات مختلفة، بينهم مئات الآلاف من اللاجئين القادمين من دول الجوار التي تشهد نزاعات مسلحة. وأكد أن هذا الوضع يفرض على الدولة المصرية أعباءً إضافية تتعلق بتوفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وإعاشة، إلى جانب دمج الكثير من هؤلاء في سوق العمل المصري، وهو ما تتحمله مصر بمواردها الذاتية رغم الضغوط الاقتصادية العالمية.
وشدد الوزير عبد العاطي على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه قضية اللاجئين، وتقديم الدعم الفني والمالي للدول المستضيفة، وفي مقدمتها مصر، مشيراً إلى أن استدامة هذه الجهود تتطلب مشاركة جماعية من مختلف الأطراف لضمان تقديم حلول طويلة المدى، وليس الاكتفاء بالاستجابة الطارئة.
من جانبها، أعربت نائبة السكرتير العام للأمم المتحدة عن تقديرها للدور الحيوي الذي تقوم به مصر في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي، مثمنة الجهود المبذولة في استضافة اللاجئين وتقديم الرعاية لهم، رغم الظروف الاقتصادية العالمية. وأكدت أن الأمم المتحدة تضع مصر في صدارة شركائها الاستراتيجيين بالمنطقة، مشيرة إلى الحرص على تعزيز التعاون القائم من خلال برامج إنسانية وتنموية جديدة خلال المرحلة المقبلة.
كما أشادت المسؤولة الأممية بالدور المصري في القضايا الأفريقية، ولا سيما دعم جهود الوساطة وتسوية النزاعات، مؤكدة أن هذا الدور يسهم بشكل مباشر في دعم أولويات الأمم المتحدة المتعلقة بالسلام والتنمية في القارة.
وفي ختام اللقاء، اتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة المقبلة، سواء على مستوى الملفات الثنائية أو الإقليمية، بما في ذلك التعاون في مجالات التنمية المستدامة، والتمكين الاقتصادي، ودعم اللاجئين، فضلاً عن القضايا ذات الطابع الدولي المطروحة على أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويعكس هذا اللقاء، وفق مراقبين، إدراكاً مشتركاً بين مصر والأمم المتحدة بأهمية مواجهة التحديات العالمية والإقليمية برؤية متوازنة، تجمع بين تعزيز التنمية ودعم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وهو ما يتسق مع أولويات السياسة الخارجية المصرية التي تؤكد على تكامل المسارات الإنسانية والتنموية في آن واحد.

