في خطوة جديدة نحو تعزيز التحول الرقمي وتحديث آليات المشاركة الديمقراطية، شهدت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي اجتماعاً مهماً جمع بين الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والمستشار محمد خليل الشناوي رئيس هيئة النيابة الإدارية، لبحث آفاق التوسع في تطبيق منظومة التصويت الإلكتروني داخل الانتخابات المختلفة بعد نجاح التجربة الأولى في نادي الزهور الرياضي.
يُذكر أن هذه المنظومة انطلقت لأول مرة داخل هيئة النيابة الإدارية، كإحدى الخطوات الرائدة لتقليل التدخل البشري وضمان نزاهة العمليات الانتخابية. غير أن تطبيقها في أحد أكبر الأندية الرياضية مثل نادي الزهور مثّل نقلة نوعية، وأكد على إمكانية تعميم التجربة في مراكز الشباب والأندية التابعة لوزارة الشباب والرياضة.
وخلال اللقاء، شددت الدكتورة رانيا المشاط على أن التعاون بين الوزارات والهيئات يعكس نموذجاً عملياً للتكامل بين مؤسسات الدولة، مؤكدة أن نظام التصويت الإلكتروني ليس مجرد أداة تقنية، بل جزء من رؤية شاملة لتحقيق الشفافية والحوكمة وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات. وأوضحت أن إدخال هذه الآلية يتماشى مع مستهدفات الدولة في مجال التحول الرقمي، ويُعد امتداداً لاتفاقية التعاون الموقعة بين وزارة التخطيط وهيئة النيابة الإدارية منذ عام 2022، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
وأضافت المشاط أن التجربة تتيح إمكانية استحداث منظومة انتخابية قائمة على البيانات الدقيقة، وتمنح الناخب حرية أكبر في الإدلاء بصوته بعيداً عن أي ضغوط أو تأثيرات. وأشارت إلى أن وزارة التخطيط تعمل على تطوير البنية التكنولوجية التي تدعم هذه التجربة لتكون قابلة للتطبيق في نطاق أوسع يشمل النقابات المهنية والاتحادات، وربما مستقبلاً بعض الهيئات المحلية.
من جانبه، أكد الدكتور أشرف صبحي أن وزارة الشباب والرياضة تولي اهتماماً خاصاً بملف التحول الرقمي في الأندية ومراكز الشباب، لافتاً إلى أن تطبيق نظام التصويت الإلكتروني في انتخابات الأندية يمثل خطوة نوعية تخدم ملايين الأعضاء وتقلل من الوقت والجهد المبذول في تنظيم الانتخابات. وأضاف أن القيادة السياسية تضع هذا الملف ضمن أولوياتها في إطار بناء الجمهورية الجديدة، حيث يتم العمل على تطوير البنية المعلوماتية للقطاع الرياضي بشكل متكامل.
أما المستشار محمد الشناوي رئيس هيئة النيابة الإدارية، فقد أشار إلى أن نجاح التجربة داخل الهيئة ثم داخل نادي الزهور يعكس جدية الدولة في تبني الحلول الرقمية، موضحاً أن النيابة الإدارية بادرت منذ البداية إلى تسجيل البرنامج كابتكار محمي بحق المؤلف لدى هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وهو ما يضمن استدامة المشروع وتطويره بشكل مستمر.
الشناوي وجه شكره لكل من وزارتي التخطيط والشباب على الدعم المقدم لإنجاح التجربة، مؤكداً أن التصويت الإلكتروني ساعد في تعزيز النزاهة وتقليل الطعون المرتبطة بالإجراءات التقليدية، مشيراً إلى أن التجربة تمثل نموذجاً يحتذى به يمكن تعميمه في مؤسسات أخرى.
وتسعى الدولة من خلال هذه المنظومة إلى إدخال معايير الإدارة الحديثة في العملية الانتخابية، بحيث يصبح التصويت أكثر سهولة وشفافية، ويواكب التطورات التكنولوجية العالمية. كما تهدف إلى تبسيط الإجراءات وتسهيل مشاركة الشباب والأعضاء في اتخاذ القرار، خصوصاً أن الانتخابات في الأندية ومراكز الشباب تشهد عادة مشاركة واسعة النطاق.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن تطبيق التجربة في مزيد من الأندية قد يقلل من التكاليف المرتبطة بعمليات الطباعة والفرز اليدوي للأصوات، ويمنح نتائج دقيقة فور انتهاء التصويت، وهو ما يعد طفرة مقارنة بالأنظمة التقليدية.
الجدير بالذكر أن هيئة النيابة الإدارية سبق وأن دشنت إلى جانب نظام التصويت الإلكتروني برنامجاً خاصاً بالشكاوى وقياس الأداء، في إطار خطة شاملة للتحول الرقمي داخل الهيئة. كما ساهمت في الإشراف على عدد من العمليات الانتخابية باستخدام النظام المميكن، ما منحها خبرة عملية تعزز إمكانية توسيع نطاق التجربة مستقبلاً.
ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة دراسة تطبيق النظام في أندية كبرى أخرى، على أن يتم تقييم التجربة بشكل شامل قبل تعميمها على مستوى الجمهورية. ويأتي ذلك متسقاً مع أهداف رؤية مصر 2030، التي تضع التحول الرقمي والشفافية على رأس أولوياتها.
بهذا، تؤكد مصر أنها ماضية في طريقها نحو تحديث مؤسساتها وربطها بالمنظومات الرقمية الحديثة، بما يعكس إرادة سياسية واضحة لإحداث نقلة نوعية في أساليب الإدارة والخدمات، ويمنح المواطن المصري فرصة للمشاركة الفعالة في بيئة أكثر شفافية وكفاءة.

