ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بيان الحكومة أمام مجلس النواب، خلال الجلسة العامة الأولى لدور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الثاني، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، وبحضور المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لمناقشة اعتراض رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
مدبولي استهل كلمته بتهنئة أعضاء المجلس على بدء دور الانعقاد الجديد، مشيدًا بما قدمه البرلمان خلال السنوات الخمس الماضية من جهد تشريعي ضخم أسهم في دعم مسيرة الدولة، وتجاوز التحديات الداخلية والخارجية. كما حرص على تقديم التهنئة للشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة بمناسبة قرب حلول ذكرى انتصارات أكتوبر، مؤكدًا أن هذا النصر سيظل شاهدًا على صلابة المصريين وقدرتهم على حماية وطنهم.
وأوضح رئيس الوزراء أن مناقشة التعديلات المرتبطة بقانون الإجراءات الجنائية تمثل محطة بالغة الأهمية في مسيرة تطوير التشريعات المصرية، باعتباره أحد الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها نظام العدالة الجنائية. وأكد أن الهدف من تحديث القانون هو خلق منظومة أكثر توازنًا بين ضمانات المحاكمة العادلة وحماية حقوق المواطنين والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره.
وأشار مدبولي إلى أن البرلمان لعب دورًا رئيسيًا في إثراء مشروع القانون، عبر مداولات معمقة وملاحظات بنّاءة عكست إدراكًا حقيقيًا لأهمية النصوص الجديدة. وأوضح أن الحكومة تشاطر المجلس رؤيته بأن القانون يجب أن يكون انعكاسًا لطموحات الشعب في عدالة ناجزة تراعي حقوق المتقاضين، وتحقق سرعة الفصل في القضايا.
وأكد رئيس الوزراء أن ملاحظات رئيس الجمهورية على المشروع تمثل إضافة مهمة تُعلي من قيمة النصوص وتضمن مزيدًا من الحماية للحقوق والحريات، مضيفًا أن ممارسة الرئيس لحقه الدستوري في إعادة النظر بمواد محددة يعكس الحرص على أن يصدر القانون بصورة مكتملة وواضحة. ولفت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يعاد فيها قانون إلى البرلمان بعد الموافقة عليه، مشيرًا إلى سوابق مماثلة حدثت في قوانين سابقة، منها قانون العدالة الضريبية عام 1978 وقانون البحوث الطبية الإكلينيكية عام 2020.
وشدد مدبولي على أن التوجيهات الرئاسية تتماشى مع التوجه الاستراتيجي للدولة في بناء دولة قانون عصرية تعزز مناخ الثقة بين المواطن ومؤسسات العدالة، وتدعم التزامات مصر الدستورية والدولية في مجال حقوق الإنسان. وأضاف أن ما قدمه الرئيس من ملاحظات يعكس إصرار القيادة السياسية على أن تكون النصوص أكثر وضوحًا وانضباطًا بما يضمن كفاءة التطبيق العملي ويعزز من استقلال القضاء.
كما عبّر رئيس الوزراء عن تقدير الحكومة للاستجابة الإيجابية والسريعة من جانب مجلس النواب، وحرصه على التعامل مع هذه الملاحظات بروح من المسؤولية الوطنية، وهو ما يرسخ مبدأ التكامل بين السلطات لتحقيق الصالح العام.
وفي ختام كلمته، جدد مدبولي التزام الحكومة الكامل بالحوار والشراكة مع البرلمان في استكمال منظومة التشريعات، مؤكداً أن الهدف النهائي هو الوصول إلى قوانين راسخة تتسم بالشفافية والدقة، وتُترجم مبادئ العدالة والمساواة. وقال: "نحن جميعًا شركاء في مسؤولية بناء المستقبل، ونسعى لأن تكون القوانين الصادرة عن هذا المجلس نموذجًا يحتذى به في الانضباط والموضوعية، بما يليق بتاريخ مصر ومكانتها."
وأشار إلى أن الحكومة تنظر إلى المرحلة المقبلة باعتبارها فرصة جديدة لتعزيز مسار الإصلاح القانوني والمؤسسي، وصولًا إلى دولة عصرية قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب المصري.

