عقد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، جلسة مباحثات رسمية مع السفير محيي الدين سالم، وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني، وذلك على هامش زيارته إلى مدينة بورسودان يوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر الجاري. وقد تناول اللقاء مختلف أوجه العلاقات الثنائية بين القاهرة والخرطوم، إلى جانب التطورات الراهنة في السودان والمنطقة، وسط تأكيد متبادل على عمق الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين.
دعم مصري متواصل للسودان
في بداية اللقاء، شدد وزير الخارجية المصري على أن العلاقات المصرية السودانية ليست مجرد علاقات جوار، بل هي شراكة استراتيجية تقوم على المصالح المشتركة ووحدة المصير. وأوضح أن مصر كانت ولا تزال حريصة على دعم السودان في مواجهة التحديات الحالية، خاصة مع استمرار الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها الشعب السوداني نتيجة النزاع الدائر منذ شهور.
وأكد عبد العاطي أن القاهرة منخرطة بشكل نشط في كافة المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار وتهيئة الظروف الملائمة لإقرار هدنة إنسانية، بما يسمح بتقديم المساعدات ورفع المعاناة عن المدنيين. وأشار إلى التحركات المصرية الأخيرة في هذا الإطار، والتي تضمنت دعم المبادرات الأممية والإفريقية ذات الصلة.
تضامن بشأن الفاشر والأوضاع الإنسانية
وتطرق الوزير المصري إلى الوضع في مدينة الفاشر التي تواجه حصارًا خانقًا أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، موضحًا أن مصر تتحرك بالتنسيق مع شركائها من أجل إنهاء الحصار وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات. وشدد على أن موقف القاهرة يستند إلى دعم وحدة السودان وسيادته وسلامة مؤسساته الوطنية، مع التأكيد على أهمية الدور المحوري للقوات المسلحة السودانية باعتبارها عماد الدولة وحاميها.
ومن جانبه، أعرب الوزير السوداني عن تقديره للمواقف المصرية المساندة لبلاده في هذه المرحلة الدقيقة، مشيرًا إلى ما يجمع البلدين من وشائج تاريخية وروابط شعبية عميقة، فضلًا عن التعاون الممتد في مجالات متعددة.
تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري
وخلال اللقاء، تناول الوزيران فرص تطوير التعاون الثنائي، حيث أشار عبد العاطي إلى الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها البلدان في المجالات الاقتصادية والتجارية، مؤكدًا أن القاهرة حريصة على الارتقاء بحجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة. كما نوّه إلى التسهيلات التي تقدمها مصر للأشقاء السودانيين المقيمين على أراضيها، سواء فيما يتعلق بالإقامة أو الخدمات التعليمية والصحية، باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي المصري.
واتفق الجانبان على ضرورة تفعيل اللجان المشتركة والعمل على تسريع تنفيذ المشروعات الثنائية في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل البري والنهري، بما يخدم مصالح الشعبين.
توافق حول قضايا نهر النيل
كما شهد اللقاء نقاشًا معمقًا حول ملف الأمن المائي، حيث أكد الوزيران على وحدة الموقف بين مصر والسودان باعتبارهما دولتي مصب لنهر النيل، وهو ما يفرض عليهما التمسك بالحقوق التاريخية والالتزام بالقانون الدولي في إدارة الموارد المائية المشتركة. وشددا على رفضهما التام لأي إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بمصالح دولتي المصب أو تهديد أمنهما المائي.
وأشار الوزيران إلى أن نهر النيل يمثل شريان حياة لمئات الملايين من المصريين والسودانيين، وأن الحفاظ عليه مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون والتنسيق المستمر مع جميع الأطراف ذات الصلة.
مستقبل العلاقات بين البلدين
وفي ختام اللقاء، أعرب عبد العاطي عن تطلعه إلى استمرار التنسيق الوثيق بين القاهرة والخرطوم على مختلف المستويات، مشددًا على أن المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف اللقاءات والزيارات المتبادلة من أجل دفع العلاقات إلى آفاق أرحب. كما أكد أن مصر ستواصل وقوفها إلى جانب السودان حتى يستعيد استقراره ويتمكن من تجاوز التحديات التي يواجهها.
من جانبه، أكد الوزير السوداني أن بلاده تنظر إلى مصر باعتبارها شريكًا أساسيًا لا غنى عنه، وأن التعاون بين البلدين يمثل ركيزة مهمة لدعم الاستقرار في الإقليم بأسره.
وتجسد هذه المباحثات – التي تأتي في وقت حساس للسودان – إدراكًا مشتركًا من الجانبين بأن التعاون الثنائي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات، وأن الشراكة المصرية السودانية ستظل حجر الزاوية في أي جهود تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
