شهدت مدينة العلمين الجديدة حدثًا اقتصاديًا بارزًا، حيث وقّعت وزارة البترول والثروة المعدنية ثلاث اتفاقيات تعاون مع إمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف دعم الدور المصري كمركز إقليمي لتخزين وتداول الطاقة في منطقة البحر المتوسط، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين في قطاع البترول والغاز.
حضر مراسم التوقيع المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، إلى جانب سعادة محمد سعيد الضنحاني مدير الديوان الأميري بإمارة الفجيرة، وعدد من قيادات قطاع البترول المصري. وقد عكس هذا اللقاء حرص الجانبين على مواصلة التعاون المشترك في تنفيذ مشروعات استراتيجية تخدم البلدين وتدعم مكانتهما في سوق الطاقة العالمي.
منطقة لوجستية جديدة بالعلمين
الاتفاقية الأولى التي جرى توقيعها تضمنت تأسيس شركة مساهمة مصرية لإنشاء منطقة لوجستية متكاملة لتخزين وتداول الزيت الخام والمنتجات البترولية في حوض البحر المتوسط، وتحديدًا في منطقة العلمين. ويستهدف هذا المشروع تطوير البنية التحتية لميناء الحمراء البترولي ورفع كفاءته التشغيلية من خلال إدخال أحدث النظم التكنولوجية العالمية وتبادل الخبرات بين الجانبين.
ويعد المشروع أحد الركائز الرئيسية في تنفيذ استراتيجية وزارة البترول الرامية إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وشبكة الموانئ والخطوط والأنابيب الممتدة بين القارات.
تعظيم الاستفادة من ميناء الحمراء
أما الاتفاقية الثانية، فقد ركزت على توقيع عقد لتخزين البترول الخام في التسهيلات التخزينية التابعة لميناء الحمراء بالعلمين الجديدة، بما يسهم في تعظيم العوائد الاقتصادية من البنية التحتية المصرية. ويهدف هذا التعاون إلى استثمار موقع الميناء الفريد الذي يتميز بقربه من ممرات بحرية دولية مهمة، إضافة إلى امتلاكه تجهيزات متطورة تؤهله للعب دور محوري في تجارة النفط الخام ونقله إقليميًا ودوليًا.
وأكد وزير البترول أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة جديدة نحو جعل الميناء مركزًا استراتيجيًا لتخزين وتداول الخام، بما يعزز تنافسية مصر في سوق الطاقة ويتيح فرصًا أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي.
اتفاق تجاري لتوريد المنتجات البترولية
وفي السياق ذاته، تم توقيع اتفاق تجاري ثالث بين الهيئة المصرية العامة للبترول ومؤسسة الفجيرة للنفط والغاز لتوريد منتجات بترولية لصالح السوق المصرية، في خطوة تهدف إلى تأمين الإمدادات ودعم استقرار السوق المحلي.
وأوضح الوزير أن هذا التعاون يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين، مشيرًا إلى أن مصر تولي أهمية كبيرة لعقد مثل هذه الاتفاقيات التي توفر فرصًا لتعزيز المخزون الاستراتيجي من المنتجات البترولية وضمان استقرار الإمدادات في ظل التحديات العالمية الراهنة.
اجتماع مشترك ورؤى مستقبلية
عقب التوقيع، عقد الوزير اجتماعًا موسعًا مع الجانب الإماراتي لمناقشة آفاق التعاون المستقبلي. وأكد خلال الاجتماع أن مصر تتطلع إلى تنفيذ المزيد من المشروعات الاستراتيجية المشتركة مع الإمارات في مجالات البترول والغاز والطاقة الجديدة والمتجددة، بما يرسخ الشراكة الاقتصادية ويدعم العلاقات الثنائية الممتدة.
من جانبه، أشار محمد سعيد الضنحاني إلى أن إمارة الفجيرة تنظر إلى مصر باعتبارها شريكًا استراتيجيًا موثوقًا، مؤكدًا حرص الإمارات على الاستثمار طويل الأجل في السوق المصرية في قطاع الطاقة، بما ينسجم مع العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين الشعبين.
حضور رسمي واسع
رافق وزير البترول خلال مراسم التوقيع عدد من كبار مسؤولي القطاع، بينهم المهندس صلاح عبد الكريم الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للبترول، والمهندس وائل لطفي رئيس الإدارة المركزية للمشروعات بالوزارة، والدكتور محمد الباجوري المشرف على الإدارة المركزية للشئون القانونية، إضافة إلى المهندس إبراهيم مسعود رئيس شركة بترول الصحراء الغربية "ويبكو".
خطوة جديدة نحو المركز الإقليمي للطاقة
تعكس هذه الاتفاقيات الثلاث توجه مصر الواضح نحو تعظيم دورها كمحور إقليمي لتجارة وتخزين وتداول النفط والغاز في المنطقة، استنادًا إلى بنيتها التحتية المتطورة وموقعها الجغرافي المتميز الذي يجعلها نقطة وصل بين الأسواق الأوروبية والآسيوية والإفريقية.
كما تمثل هذه الخطوة ترجمة عملية لاستراتيجية وزارة البترول التي تسعى إلى تعزيز الشراكات الدولية وفتح آفاق جديدة للاستثمار، في وقت يشهد فيه قطاع الطاقة العالمي تغيرات سريعة وتحديات متنامية.
وفي ظل هذه التطورات، يؤكد المراقبون أن التعاون المصري الإماراتي في هذا المجال لا يقتصر على الفوائد الاقتصادية فحسب، بل يعكس أيضًا متانة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، والتي تشكل أساسًا متينًا لبناء مشروعات مشتركة تسهم في استقرار أسواق الطاقة الإقليمية والدولية.

