أكدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، أن مصر تخطو بثبات نحو تبنّي الحلول القائمة على الطبيعة كأداة رئيسية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية، مشددة على أن الدولة لم تعد تتعامل مع قضايا البيئة باعتبارها ملفًا فرعيًا، بل محورًا متكاملًا للتنمية الشاملة.
جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقتها الوزيرة في جلسة بعنوان “قصص مبادرة ENACT من أرض الواقع: كيف تبدو الحلول القائمة على الطبيعة الناجحة وغير الناجحة”، ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة المنعقد في أبوظبي خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، والذي ينظمه الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) بمشاركة ممثلين رفيعي المستوى من مختلف دول العالم.
وقالت الوزيرة إن مشاركة مصر في هذا الحدث تأتي نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يولي اهتمامًا خاصًا بملفات البيئة والمناخ، مؤكدة أن الدولة المصرية تعمل على دمج الاعتبارات البيئية ضمن خططها التنموية بما يضمن استدامة الموارد وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأشارت الدكتورة منال عوض إلى أن مبادرة ENACT، التي تم إطلاقها عام 2022 خلال مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ، تمثل نموذجًا متميزًا للتعاون الدولي في مجال الحلول القائمة على الطبيعة، حيث تهدف إلى توسيع نطاق هذه الحلول في مجالات التنوع البيولوجي ومكافحة التصحر والتغير المناخي، وتحويلها من تجارب محدودة إلى سياسات وطنية قابلة للتطبيق على نطاق واسع.
وأضافت أن مصر كانت من أوائل الدول التي طبّقت مشروعات واقعية في هذا الاتجاه، لافتة إلى مشروع دعم التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل، الذي تنفذه وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبدعم من صندوق المناخ الأخضر (GCF)، بهدف حماية المناطق المنخفضة في الدلتا من مخاطر الفيضانات الساحلية الناتجة عن ارتفاع منسوب البحر.
وكشفت الوزيرة أن المشروع خصص له أكثر من 31.5 مليون دولار، منها 17 مليون دولار منحة من صندوق المناخ الأخضر و6.1 مليون دولار من الموازنة الوطنية، موضحة أن الأعمال المنفذة حتى الآن غطّت نحو 69 كيلومترًا من الشواطئ باستخدام حلول متوائمة مع الطبيعة، ما انعكس إيجابًا على حياة ما يقرب من 750 ألف مواطن في منطقة الدلتا.
وأوضحت أن هيئة حماية الشواطئ تواصل توسيع نطاق تطبيق هذه التجربة في مناطق جديدة، بما يحقق استدامة الموارد ويحد من تآكل السواحل، مشيرة إلى أن مصر تسعى لأن تكون نموذجًا إقليميًا في إدارة مواردها البيئية وفقًا لمبادئ الطبيعة لا في مواجهتها.
كما تطرقت الوزيرة إلى مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لزراعة 100 مليون شجرة، مؤكدة أنها ليست مجرد حملة للتشجير، بل مشروع قومي متكامل لتحسين جودة الهواء وخفض الانبعاثات وتوسيع الرقعة الخضراء في المدن المصرية، حيث تم حتى الآن زراعة أكثر من 10 ملايين شجرة مثمرة وخشبية في مختلف المحافظات، بالتعاون بين الوزارات والمحافظات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأضافت الوزيرة أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بالمشروعات التي تجمع بين المنفعة البيئية والاقتصادية، مثل زراعة الأشجار في المناطق الصناعية والطرق السريعة واستخدام مياه الصرف المعالجة في الري، ما يحقق وفورات مالية ويحافظ على الموارد الطبيعية في الوقت نفسه.
وفي ختام كلمتها، دعت الدكتورة منال عوض الدول والمنظمات التي لم تنضم بعد إلى مبادرة ENACT إلى المشاركة الفاعلة في تنفيذ خطتها الطموحة، مؤكدة أن نجاح المبادرة يعتمد على تكاتف الجهود الدولية وتبادل الخبرات، حتى تصبح الحلول القائمة على الطبيعة جزءًا أصيلًا من سياسات التنمية في العالم.
وشددت الوزيرة على أن مصر مستمرة في أداء دورها الإقليمي في دعم قضايا البيئة والمناخ، وأن مشاركتها في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة تمثل امتدادًا لالتزامها الدولي الذي بدأ منذ استضافة مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، مؤكدة أن “الطبيعة هي الحليف الأقوى للإنسان إذا ما أحسن استثمارها وحمايتها”.

