في خطوة جديدة تؤكد ريادة مصر في قضايا المياه والتنمية المستدامة، افتتح الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، والمهندس رائد أبو السعود، وزير المياه والري الأردني، أعمال الاجتماع الثامن والثلاثين للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، والذي يُعقد ضمن فعاليات “أسبوع القاهرة الثامن للمياه”، بمشاركة وزراء وخبراء من عدد من الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية المعنية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الموارد المائية والري المصرية والشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، بهدف استضافة مكتب فرعي للشبكة في القاهرة ليكون مركزًا إقليميًا لدعم أنشطة البحث والتدريب وتبادل الخبرات في مجالات إدارة الموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية.
وأكد الدكتور سويلم في كلمته أن احتضان مصر لهذا الحدث وللمكتب الجديد يعكس التزامها الدائم بدعم العمل العربي والإسلامي المشترك، وتعزيز أطر التعاون الفني والعلمي في واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا على الساحة الدولية، مشيرًا إلى أن الشبكة الإسلامية أثبتت خلال العقود الماضية دورًا فاعلًا في تطوير سياسات إدارة المياه وتحقيق التكامل بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
وأضاف الوزير أن الأرقام الصادرة عن منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" والبنك الدولي تُظهر حجم التحدي الكبير الذي تواجهه الدول الإسلامية، حيث تقع نحو 60% من هذه الدول في مناطق جافة أو شبه جافة، بينما تعاني 29 دولة من مستويات مرتفعة من الإجهاد المائي، منها 18 دولة وصلت إلى مرحلة الإجهاد الحرج. وأوضح أن نصيب الفرد من المياه في العالم العربي لا يتجاوز في المتوسط 1000 متر مكعب سنويًا، وينخفض في بعض الدول إلى أقل من 100 متر مكعب، وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى تبني حلول مبتكرة ومستدامة.
وأشار سويلم إلى أن هذه التحديات لا تقتصر على ندرة المياه فقط، بل تمتد إلى تأثيراتها الاقتصادية، إذ تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن استمرار أنماط الإدارة الحالية قد يُكلف اقتصادات المنطقة ما بين 6% و14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي وزيادة معدلات الجفاف وارتفاع تكاليف معالجة المياه.
وأوضح الوزير أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعاونًا إقليميًا واسع النطاق يقوم على تبادل الخبرات وتعزيز البحث العلمي والابتكار في مجالات تحلية المياه وإعادة الاستخدام والري الحديث، مؤكداً أن مصر تبنت منذ سنوات نهج "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" (WEFE Nexus) كمنظور شامل لتحقيق الأمن المائي والغذائي ومواجهة آثار التغير المناخي.
كما دعا إلى توسيع مجالات التعاون في تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة لأغراض الزراعة، معتبرًا أن هذا المجال يمثل أحد أهم الحلول الواعدة للمستقبل، خاصة في ظل الزيادة السكانية المتسارعة واحتياجات الأمن الغذائي المتنامية في المنطقة. وشدد على ضرورة دعم مبادرات البحث العلمي التي تسهم في خفض تكاليف التحلية وتحسين كفاءتها، إلى جانب تعزيز مفهوم “البصمة المائية” في تخطيط المحاصيل والصناعات كثيفة الاستخدام للمياه.
من جانبه، أعرب المهندس رائد أبو السعود وزير المياه والري الأردني عن تقديره لاستضافة مصر لاجتماع الشبكة هذا العام، مشيدًا بالتطور الكبير في فعاليات أسبوع القاهرة للمياه الذي أصبح منصة سنوية رائدة للحوار والتنسيق بين الدول العربية والإسلامية حول قضايا المياه، ومؤكدًا أهمية بروتوكول التعاون الجديد في دعم برامج التدريب وبناء القدرات، بما ينعكس على تحسين إدارة الموارد المائية في المنطقة بأسرها.
ويُعد توقيع اتفاقية إنشاء المكتب الفرعي للشبكة الإسلامية في القاهرة خطوة استراتيجية نحو تعزيز حضور الشبكة على المستويين العربي والإقليمي، حيث سيعمل المكتب على دعم تنفيذ البرامج الفنية، وتنسيق المشاريع المشتركة، وتبادل المعرفة والخبرات بين الدول الأعضاء. كما سيسهم في تطوير السياسات المائية، وتنفيذ مشروعات تستهدف تحسين كفاءة استخدام الموارد المائية وتعزيز القدرة على التكيف مع التغير المناخي.
ويأتي الاجتماع الثامن والثلاثون للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه في توقيت بالغ الأهمية، إذ يشهد العالم تصاعدًا في وتيرة التحديات المرتبطة بندرة المياه وتزايد الطلب عليها، ما يستدعي العمل الجماعي وتبادل التجارب الناجحة بين الدول، وهو ما تسعى إليه مصر من خلال استضافتها لهذا الحدث الدولي المهم، لتظل منبرًا للحوار والتعاون المشترك في قضايا المياه والتنمية المستدامة.

