في إطار توجه الدولة نحو تعزيز التصنيع المحلي للأدوية والمستحضرات الحيوية، شهدت هيئة الدواء المصرية اجتماعًا موسعًا برئاسة د. علي الغمراوي، رئيس الهيئة، مع وفد من مستشفيات شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالأقصر، برئاسة د. هاني حسين، المدير التنفيذي العام للمستشفيات، لبحث سبل التعاون في مجالات التصنيع الدوائي وتطوير كوادر صيدلية متخصصة في صيدلة الأورام والطب النووي.
ناقش الجانبان خلال اللقاء آليات التعاون المشترك في إنتاج المستحضرات الدوائية المشعة محليًا، والتي تمثل أحد أهم الأدوات العلاجية في مجال علاج الأورام. وأكد الدكتور الغمراوي أن الهيئة تعمل وفق استراتيجية واضحة لدعم وتوسيع قاعدة التصنيع المحلي، لا سيما في المجالات الدقيقة التي تتطلب خبرات متخصصة ومعايير رقابية صارمة.
وأوضح أن تصنيع المستحضرات المشعة داخل مصر يمثل نقلة نوعية في منظومة الدواء والعلاج، لما له من تأثير مباشر على تقليل فترات انتظار المرضى وتوفير العلاجات في توقيت مناسب، دون الاعتماد الكامل على الاستيراد من الخارج. وأشار إلى أن الهيئة تتابع باهتمام تطوير خطوط الإنتاج المحلية وفقًا لمتطلبات التصنيع الجيد (GMP)، وتعمل على تيسير الإجراءات التنظيمية بما يحافظ على أعلى معايير الجودة والسلامة.
وأضاف رئيس الهيئة أن التعاون مع مؤسسات طبية كبرى مثل مستشفيات شفاء الأورمان يعزز من قدرة المنظومة الصحية على تحقيق التكامل بين البحث العلمي والتطبيق العملي، مؤكدًا أن الهيئة لا تكتفي بالدور الرقابي فقط، بل تمتد مساهمتها إلى بناء شراكات استراتيجية تدعم الابتكار والتطوير الدوائي داخل مصر.
وأشار الغمراوي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاونًا أوسع مع المستشفيات والمراكز البحثية في مجالات التدريب والتأهيل الفني، لرفع كفاءة الكوادر الصيدلية العاملة في مجالات التصنيع المتقدم والرقابة الدوائية. كما أكد أن الهيئة تضع على رأس أولوياتها دعم الصناعة الوطنية بما يواكب تطورات التكنولوجيا الدوائية العالمية، خاصة في مجالات المستحضرات الإشعاعية والموجهة لعلاج السرطان.
من جانبه، أعرب الأستاذ الدكتور هاني حسين عن تقديره للتعاون المثمر مع هيئة الدواء المصرية، مشيرًا إلى أن مستشفيات شفاء الأورمان حريصة على توسيع مجالات الشراكة مع المؤسسات التنظيمية الوطنية، لما لذلك من أثر مباشر في تطوير الخدمات المقدمة لمرضى الأورام.
وأوضح أن المؤسسة تسعى من خلال هذا التعاون إلى دعم الجهود الوطنية في توطين صناعة الدواء والعلاجات الدقيقة، بما يسهم في تقليل تكلفة العلاج على المرضى، وتحسين فرص الحصول على المستحضرات الحيوية بأعلى جودة. وأضاف أن مستشفى شفاء الأورمان تمتلك بنية تحتية مؤهلة لاستضافة برامج تدريبية متقدمة في الطب النووي وصيدلة الأورام، بالتنسيق مع هيئة الدواء المصرية.
كما ناقش الاجتماع وضع إطار تنسيقي لتبادل الخبرات الفنية والعلمية بين الجانبين، سواء من خلال الدورات التدريبية أو ورش العمل المتخصصة، مع التركيز على تطوير نظم المراقبة والجودة داخل المؤسسات الدوائية العاملة في مجال المستحضرات المشعة.
وحضر اللقاء عدد من قيادات هيئة الدواء المصرية، من بينهم الدكتورة أماني جودت، رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس الهيئة، والدكتورة أميرة محجوب، رئيس الإدارة المركزية للتفتيش على المؤسسات الصيدلية، والدكتور مهاب فادي، رئيس الإدارة المركزية لتراخيص المؤسسات الصيدلية، والدكتور حمادة جمال شريف، معاون رئيس الهيئة لتطوير أنظمة المستحضرات الطبية.
كما شارك من جانب مستشفى شفاء الأورمان الدكتور شريف مغربي، رئيس قسم الفيزياء الطبية وخبير الوقاية الإشعاعية.
ويأتي هذا اللقاء ضمن التوجه الاستراتيجي الذي تتبناه هيئة الدواء المصرية لتعزيز التعاون مع المؤسسات الصحية الرائدة في مصر، بهدف دعم منظومة الدواء الوطنية، وتحقيق التكامل بين الصناعة والبحث العلمي والخدمات الطبية.
ويُعد مجال المستحضرات المشعة أحد أهم محاور التطوير في قطاع الدواء خلال المرحلة المقبلة، نظرًا لأهميته في تحسين دقة التشخيص والعلاج لمرضى السرطان، وهو ما تعمل الهيئة على تطويره بما يتماشى مع المعايير الدولية ويعزز الاكتفاء الذاتي في هذا النوع من المستحضرات.
ويؤكد هذا التعاون بين هيئة الدواء المصرية ومستشفى شفاء الأورمان أن الدولة تسير بخطوات ثابتة نحو توطين الصناعات الدوائية المتقدمة، بما يضع مصر في موقع متميز على خريطة التصنيع الدوائي الإقليمي، ويخدم أهداف الأمن الصحي الوطني، ويدعم حق المريض المصري في الحصول على علاج آمن وفعّال بجودة عالمية.

