على هامش فعاليات قمة الصحة العالمية 2025 المنعقدة بالعاصمة الألمانية برلين، عقد الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماعًا موسعًا مع وفد من التحالف الصحي الألماني (GHA)، والذي يضم أكثر من 110 مؤسسة وشركة تعمل في مجالات التكنولوجيا الطبية، والرعاية الصحية، والأدوية، والبحث العلمي.
وخلال الاجتماع، أكد الوزير على متانة العلاقات الصحية بين مصر وألمانيا، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاونًا أوسع في مجالات الرقمنة الطبية ونقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر، بما يعزز جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في مصر.
وأشار عبدالغفار إلى أن قمة الصحة العالمية تمثل منصة حوار مهمة لتبادل الرؤى حول مستقبل أنظمة الرعاية الصحية في العالم، خاصة في ظل التحديات التي فرضتها الأزمات الصحية والمناخية، لافتًا إلى أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في بناء نظام صحي مرن يعتمد على الحلول الذكية والحوكمة الرقمية.
وأوضح الوزير أن منظومة التأمين الصحي الشامل تعد حجر الزاوية في مسيرة تطوير القطاع الصحي المصري، موضحًا أن المرحلة الأولى من المشروع، التي شملت محافظات القناة وجنوب الصعيد، أثبتت نجاح التجربة من خلال تحقيق تغطية صحية متكاملة وجودة أفضل للخدمات العلاجية. وأكد أن العمل جارٍ حاليًا في تنفيذ المرحلة الثانية تمهيدًا للوصول إلى التغطية الوطنية الشاملة بحلول عام 2030.
وتحدث نائب رئيس مجلس الوزراء عن التحول الرقمي في القطاع الصحي، مشيرًا إلى أن مشروع رقمنة السجلات الطبية وخدمات التطبيب عن بُعد ساعد في تحسين كفاءة التشخيص ومتابعة المرضى وتقليل الضغط على المستشفيات، إلى جانب رفع كفاءة استهلاك الموارد الطبية. وأكد أن مصر تسعى لتطبيق نموذج صحي يعتمد على البيانات في اتخاذ القرار، وهو ما يفتح مجالات كبيرة للتعاون مع الشركات الألمانية الرائدة في هذا المجال.
كما استعرض الدكتور خالد عبدالغفار إنجازات المبادرات الرئاسية تحت مظلة «100 مليون صحة»، والتي حققت نجاحًا غير مسبوق في مجال الفحص المبكر للأمراض المزمنة وفيروس سي، مشيرًا إلى أن مصر باتت قريبة من إعلانها خالية من فيروس سي بعد أن انخفضت معدلات الإصابة الجديدة إلى أقل من 10 حالات لكل 100 ألف مواطن، وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
وفي سياق متصل، تطرق الوزير إلى النجاح التنظيمي لهيئة الدواء المصرية (EDA)، التي حصلت في ديسمبر 2024 على المستوى الثالث من النضج الرقابي (ML3) من منظمة الصحة العالمية، كأول هيئة في أفريقيا تحقق هذا الإنجاز، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لتصدير الدواء المصري إلى الأسواق الأفريقية والعربية.
وأكد أن هذه الخطوة تعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرة مصر على قيادة قطاع الدواء إقليميًا، مضيفًا أن الهيئة لا تكتفي بالرقابة فقط، بل تعمل على تحفيز الاستثمار في التصنيع الدوائي المحلي ونقل التكنولوجيا.
وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات، أوضح عبدالغفار أن الدولة أصدرت القانون رقم 87 لسنة 2024 الذي ينظم الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الرعاية الصحية، مؤكدًا أن هذا الإطار التشريعي سيفتح الباب أمام المستثمرين للمشاركة في إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية وتقديم خدمات متطورة للمواطنين وفق معايير عالمية.
ودعا الوزير التحالف الصحي الألماني إلى الاستثمار في مصر باعتبارها سوقًا واعدة وبوابة استراتيجية إلى القارة الأفريقية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك بنية تحتية قوية في مجال المستشفيات والمراكز الطبية، إلى جانب موقعها الجغرافي المتميز وشبكة اتفاقيات التجارة الحرة مع عدد كبير من الدول.
كما أكد أن الوزارة ترحب بتوسيع التعاون في مجال تصنيع الأجهزة والمستلزمات الطبية ونقل الخبرات الألمانية في التدريب المهني، إلى جانب الاستثمار في مراكز التميز والمستشفيات الجامعية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.
واختتم عبدالغفار اللقاء بالتأكيد على أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو بناء نظام صحي حديث يقوم على الشراكة الدولية وتكامل الجهود، موضحًا أن العلاقة بين القاهرة وبرلين في المجال الصحي ليست مجرد تعاون تقني، بل تحالف استراتيجي من أجل بناء مستقبل صحي أكثر استدامة للمنطقة بأسرها.

