أكد وزير العمل محمد جبران أن مصر تمضي بخطى ثابتة نحو بناء سوق عمل عصري ومتوازن يواكب التطورات التكنولوجية ويحافظ في الوقت نفسه على حقوق أطراف العملية الإنتاجية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تضع ملف العمل والعمال ضمن أولوياتها في ظل رؤية وطنية شاملة للتنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الوزير، اليوم الخميس، أمام الجلسة العامة للدورة السادسة من المؤتمر الإسلامي لوزراء العمل المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، تحت شعار "تجارب محلية، إنجازات عالمية: قصص نجاح في العالم الإسلامي"، بمشاركة وزراء العمل ورؤساء الوفود من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بقضايا العمل والتنمية الاجتماعية.
وقال جبران في كلمته إن التحديات العالمية الراهنة، بما في ذلك الثورة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، تفرض واقعًا جديدًا على أسواق العمل، يتطلب تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في مجالات التدريب والتشغيل والحماية الاجتماعية، مؤكدًا أن مصر تتعامل مع هذه المتغيرات بجدية من خلال تطوير سياساتها وبرامجها الوطنية.
وأضاف أن الدولة المصرية، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أطلقت حزمة من المشروعات القومية والمبادرات الرئاسية التي كان لها أثر مباشر في خفض معدلات البطالة من 13% عام 2014 إلى نحو 6.1% في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن تلك الجهود شملت مشروعات البنية التحتية العملاقة، ومبادرات تمكين الشباب والمرأة، ودعم أصحاب الهمم، إلى جانب التوسع في برامج التدريب المهني وريادة الأعمال.
وأوضح الوزير أن إصدار قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025 يمثل نقلة نوعية في تنظيم علاقات العمل داخل مصر، إذ جاء بعد حوار مجتمعي واسع شمل جميع الأطراف المعنية، ليحقق مزيدًا من الأمان الوظيفي للعاملين ويشجع على جذب الاستثمارات الجديدة، مع الالتزام الكامل بمعايير العمل الدولية.
وأشار جبران إلى أن الوزارة تواصل العمل على تطوير منظومة التدريب المهني بالتعاون مع القطاع الخاص، بوصفه الشريك الأساسي في التنمية، فضلًا عن التنسيق مع الشركاء الدوليين والمؤسسات المتخصصة لتأهيل الكوادر الوطنية وفق احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
وقال إن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أصبحا عنصرين أساسيين في صياغة مستقبل الوظائف والمهن، وهو ما تتعامل معه الدولة عبر برامج “الجامعات التكنولوجية” والتعليم الفني المتطور، ومراكز التدريب المهني المنتشرة بالمحافظات، لتأهيل الشباب بمهارات تتناسب مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
وتابع الوزير أن مصر تولي أهمية خاصة لمبادرات “حياة كريمة” و“بداية”، التي تعمل على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، ودعم مشاركة المرأة، ودمج ذوي الإعاقة في سوق العمل، مؤكدًا أن هذه البرامج تجسد فلسفة الدولة في الاستثمار في الإنسان المصري باعتباره الركيزة الأساسية للتنمية.
وفي سياق كلمته، دعا جبران إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين دول العالم الإسلامي، مشددًا على أهمية تبادل الخبرات الناجحة في مجالات التدريب، وتشجيع الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية لتسهيل انتقال العمالة بين الدول الإسلامية بشكل منظم وعادل، بما يسهم في تحقيق التنمية المشتركة ورفع مستويات التشغيل.
وأوضح أن مصر تدعم بقوة أي جهود جماعية تُسهم في تحسين بيئة العمل في دول منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا أن القضايا الاقتصادية والاجتماعية المعقدة، مثل البطالة والهجرة والتحولات الاقتصادية، لا يمكن لأي دولة أن تواجهها بمفردها، بل تتطلب تكاتف الجهود وتنسيق السياسات على المستويين الإقليمي والدولي.
وتطرق وزير العمل في ختام كلمته إلى الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا تضامن مصر الكامل مع عمال وشعب فلسطين في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفها العدوان الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن نتائج قمة شرم الشيخ للسلام التي عُقدت هذا الأسبوع برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثل خطوة مهمة نحو إنهاء الحرب في غزة واستعادة الاستقرار الإقليمي.
وأكد جبران أن مصر ستواصل دعمها لجهود إعادة إعمار غزة وبرامج التشغيل هناك، بما يضمن توفير فرص عمل كريمة للشباب الفلسطيني، ويعيد الأمل في مستقبل أفضل للمنطقة بأكملها، مضيفًا: "إننا نؤمن أن العمل اللائق هو حجر الأساس لبناء السلام والتنمية المستدامة."

