في إطار التحركات المصرية المتواصلة لدعم الشعب الفلسطيني ومساندة جهود إعادة إعمار قطاع غزة، أجرى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالًا هاتفيًا مع الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، تناول خلاله الجانبان الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة المقرر انعقاده في القاهرة خلال النصف الثاني من نوفمبر المقبل.
وأوضح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الاتصال يأتي ضمن سلسلة من المشاورات التي تجريها القاهرة مع القيادة الفلسطينية وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين، من أجل ضمان خروج المؤتمر بنتائج عملية تضع الأسس الفعلية لمرحلة إعادة الإعمار وتوفير الدعم المالي والتقني اللازم لإعادة الحياة إلى القطاع بعد الدمار الذي خلفته الحرب الأخيرة.
وأشار السفير إلى أن الوزير عبد العاطي أكد خلال الاتصال حرص مصر على أن يكون المؤتمر منصة جامعة تضم ممثلين عن الدول المانحة والمؤسسات الدولية والأمم المتحدة، إلى جانب القطاع الخاص العربي والعالمي، بهدف وضع خريطة طريق متكاملة لمرحلة ما بعد الصراع تشمل إعادة الإعمار، والتنمية الاقتصادية، ودعم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وإسكان.
وأكد الوزير أن مصر، انطلاقًا من مسؤولياتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، تتحرك على جميع المستويات لتوحيد الجهود الدولية وتوجيهها نحو بناء منظومة دعم مستدامة لشعب غزة، مشيرًا إلى أن استضافة القاهرة لهذا المؤتمر تأتي في إطار التزام الدولة المصرية بمواصلة دورها القيادي في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز الحلول السلمية العادلة.
ولفت عبد العاطي إلى أن التحضيرات الجارية تشمل مشاورات فنية موسعة مع المؤسسات الاقتصادية الدولية، وعلى رأسها البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، لتقييم حجم الأضرار وتقدير الاحتياجات الفعلية للقطاع، سواء في البنية التحتية أو المرافق العامة أو المناطق السكنية.
وأضاف الوزير أن مصر تواصل تنسيقها مع الدول العربية والإسلامية التي أبدت دعمها لخطة إعادة الإعمار، تنفيذًا للمقررات التي تم التوافق عليها خلال القمة العربية الإسلامية الأخيرة، والتي وضعت غزة على رأس أولويات العمل العربي المشترك خلال المرحلة المقبلة.
كما أشار إلى أن القاهرة تسعى لأن يكون المؤتمر بداية عملية لإطلاق برنامج تنموي طويل الأمد، لا يقتصر على إعادة البناء المادي فقط، وإنما يهدف إلى إعادة بناء الإنسان الفلسطيني من خلال مشروعات التعليم والتدريب وفرص العمل، بما يضمن استدامة التعافي ويُمهّد الطريق نحو تنمية حقيقية وشاملة.
من جانبه، عبّر رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى خلال الاتصال عن تقديره العميق للدور المصري المتواصل في دعم القضية الفلسطينية، مشيدًا باستضافة مصر لمؤتمر إعادة الإعمار، وما تبذله من جهود دبلوماسية مكثفة لوقف الحرب في غزة وضمان تثبيت التهدئة.
وأكد مصطفى أن القيادة الفلسطينية تعمل بالتنسيق الكامل مع القاهرة لضمان نجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه، مشيرًا إلى أن الحكومة الفلسطينية أعدّت تصورًا متكاملًا لأولويات المرحلة المقبلة، يتضمن مشروعات عاجلة لإعادة الخدمات الأساسية، إلى جانب خطط طويلة المدى للتنمية وإعادة تأهيل المرافق الاقتصادية والصناعية.
وشدد رئيس الوزراء الفلسطيني على أن الدعم المصري في هذه المرحلة الحساسة يمثل ركيزة أساسية لاستعادة الاستقرار في القطاع، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني يثمّن مواقف مصر الثابتة ودورها التاريخي في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن التنسيق بين الجانبين سيستمر خلال الأسابيع المقبلة عبر لجان فنية مشتركة، تتولى استكمال إعداد ملفات المشروعات التي ستُعرض خلال المؤتمر، بما في ذلك خطط الإعمار السكني وإعادة تشغيل محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات.
في المقابل، أوضح السفير تميم خلاف أن الوزير عبد العاطي شدد خلال الاتصال على ضرورة أن تُوجّه الموارد الدولية نحو بناء منظومة أكثر استدامة في غزة، تراعي البعد الإنساني والاقتصادي في آنٍ واحد، مع إرساء آلية شفافة لمتابعة تنفيذ التعهدات المالية وضمان وصولها إلى مستحقيها من الأسر المتضررة.
كما أعرب الوزير عن أمله في أن يشارك أكبر عدد من الدول والجهات المانحة في المؤتمر، مؤكدًا أن مصر تسعى إلى تحويله من مجرد حدث دبلوماسي إلى منصة تنفيذ حقيقية لإعادة بناء غزة وتثبيت الاستقرار في المنطقة.
واختتم المتحدث الرسمي تصريحه بالتأكيد على أن هذا التحرك يعكس نهجًا مصريًا ثابتًا يجمع بين الدبلوماسية الفاعلة والعمل الميداني، مشيرًا إلى أن القاهرة تضع على رأس أولوياتها دعم الشعب الفلسطيني ومساندته في تجاوز تداعيات الحرب الأخيرة، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتم إلا عبر معالجة جذور الأزمة ودعم التنمية الحقيقية للشعوب.
